ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ
ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ
ﻛﺎﻥ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ -ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ- ﻏﻼﻣًﺎ
ﺻﻐﻴﺮًﺍ، ﻳﺤﺐ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ ﻭﻳﻄﻴﻌﻬﻤﺎ ﻭﻳﺒﺮﻫﻤﺎ.
ﻭﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺟﺎﺀﻩ ﺃﺑﻮﻩ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ -
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ- ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﻃﻠﺒًﺎ ﻋﺠﻴﺒًﺎ
ﻭﺻﻌﺒًﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ} :ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﺇﻧﻲ ﺃﺭﻯ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﻨﺎﻡ ﺃﻧﻲ ﺃﺫﺑﺤﻚ ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻣﺎﺫﺍ ﺗﺮﻯ{
]ﺍﻟﺼﺎﻓﺎﺕ[102 : ﻓﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻓﻲ
ﺛﻘﺔ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺍﻟﺮﺍﺿﻲ
ﺑﻘﻀﺎﺋﻪ} :ﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﺃﺑﺖ ﺍﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﺗﺆﻣﺮ
ﺳﺘﺠﺪﻧﻲ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ{
]ﺍﻟﺼﺎﻓﺎﺕ.[102 :
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﺎﺭًّﺍ ﺑﺄﺑﻴﻪ، ﻣﻄﻴﻌًﺎ ﻟﻪ
ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻣﺮﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﻣﺴﻚ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ -
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ- ﺍﻟﺴﻜﻴﻦ، ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺬﺑﺢ
ﻭﻟﺪﻩ ﻛﻤﺎ ﺃﻣﺮﻩ ﺍﻟﻠﻪ، ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ -
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ- ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻠﻜًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ،
ﻭﻣﻌﻪ ﻛﺒﺶ ﻋﻈﻴﻢ ﻓﺪﺍﺀً ﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﻗﺎﻝ
ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻭﻓﺪﻳﻨﺎﻩ ﺑﺬﺑﺢ ﻋﻈﻴﻢ] {ﺍﻟﺼﺎﻓﺎﺕ:
.[107
ﻳﺤﻜﻲ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻗﺼﺔ ﺛﻼﺛﺔ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﺿﻄﺮﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺒﻴﺘﻮﺍ
ﻟﻴﻠﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﻏﺎﺭٍ، ﻓﺎﻧﺤﺪﺭﺕ ﺻﺨﺮﺓ ﻣﻦ
ﺍﻟﺠﺒﻞ؛ ﻓﺴﺪﺕ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻐﺎﺭ، ﻓﺄﺧﺬ
ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺪﻋﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻳﺘﻮﺳﻞ ﺇﻟﻴﻪ
ﺑﺄﺣﺴﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ؛
ﺣﺘﻰ ﻳﻔﺮِّﺝ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ﻣﺎ ﻫﻢ ﻓﻴﻪ، ﻓﻘﺎﻝ
ﺃﺣﺪﻫﻢ: ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻟﻲ ﺃﺑﻮﺍﻥ ﺷﻴﺨﺎﻥ
ﻛﺒﻴﺮﺍﻥ، ﻭﻛﻨﺖ ﺃﺣﻀﺮ ﻟﻬﻤﺎ ﺍﻟﻠﺒﻦ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ
ﻟﻴﺸﺮﺑﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺸﺮﺏ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﻭﻻﺩﻱ،
ﻭﺗﺄﺧﺮﺕ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺫﺍﺕ ﻟﻴﻠﺔ، ﻓﻮﺟﺪﺗُﻬﻤﺎ
ﻧﺎﺋﻤﻴﻦ، ﻓﻜﺮﻫﺖ ﺃﻥ ﺃﻭﻗﻈﻬﻤﺎ ﺃﻭ ﺃﻋﻄﻲ
ﺃﺣﺪًﺍ ﻣﻦ ﺃﻭﻻﺩﻱ ﻗﺒﻠﻬﻤﺎ، ﻓﻈﻠﻠﺖ ﻭﺍﻗﻔًﺎ -
ﻭﻗﺪﺡ ﺍﻟﻠﺒﻦ ﻓﻲ ﻳﺪﻱ- ﺃﻧﺘﻈﺮ ﺍﺳﺘﻴﻘﺎﻇﻬﻤﺎ
ﺣﺘﻰ ﻃﻠﻊ ﺍﻟﻔﺠﺮ، ﻭﺃﻭﻻﺩﻱ ﻳﺒﻜﻮﻥ ﻣﻦ
ﺷﺪﺓ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻣﻲ ﺣﺘﻰ ﺍﺳﺘﻴﻘﻆ
ﻭﺍﻟﺪﻱ ﻭﺷﺮﺑﺎ ﺍﻟﻠﺒﻦ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻥ ﻛﻨﺖُ ﻓﻌﻠﺖُ
ﺫﻟﻚ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﻭﺟﻬﻚ ﻓﻔﺮِّﺝ ﻋﻨﺎ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ،
ﻓﺎﻧﻔﺮﺟﺖ ﺍﻟﺼﺨﺮﺓ، ﻭﺧﺮﺝ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﻐﺎﺭ.
]ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻣﺄﺧﻮﺫﺓ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ؟
ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻫﻮ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ،
ﻭﻃﺎﻋﺘﻬﻤﺎ، ﻭﻓﻌﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ ﻟﻬﻤﺎ، ﻭﻗﺪ
ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻻ
ﺗﻌﺪﻟﻬﺎ ﻣﻨﺰﻟﺔ، ﻓﺠﻌﻞ ﺑﺮﻫﻤﺎ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ
ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺭﺿﺎﻫﻤﺎ ﻓﺮﺽ
ﻋﻈﻴﻢ، ﻭﺫﻛﺮﻩ ﺑﻌﺪ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻌﺒﺎﺩﺗﻪ، ﻓﻘﺎﻝ
ﺟﻞَّ ﺷﺄﻧﻪ} :ﻭﻗﻀﻰ ﺭﺑﻚ ﺃﻻ ﺗﻌﺒﺪﻭﺍ ﺇﻻ ﺇﻳﺎﻩ
ﻭﺑﺎﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﺣﺴﺎﻧًﺎ] {ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ.[23 :
ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻭﺍﻋﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻻ ﺗﺸﺮﻛﻮﺍ ﺑﻪ
ﺷﻴﺌًﺎ ﻭﺑﺎﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﺣﺴﺎﻧًﺎ{
]ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ.[36 : ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻭﻭﺻﻴﻨﺎ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﻮﺍﻟﺪﻳﻪ ﺣﻤﻠﺘﻪ ﺃﻣﻪ ﻭﻫﻨًﺎ ﻋﻠﻰ
ﻭﻫﻦ ﻭﻓﺼﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻋﺎﻣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﺷﻜﺮ ﻟﻲ
ﻭﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ] {ﻟﻘﻤﺎﻥ.[14 :
ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﻤﺎ:
ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺒﺮ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻤﺎ،
ﻭﻳﺒﺮﻫﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﻤﺎ؛ ﺑﺄﻥ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻬﻤﺎ
ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ، ﻭﻳﻨَﻔِّﺬَ ﻋﻬﺪﻫﻤﺎ،
ﻭﻳﻜﺮﻡَ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀﻫﻤﺎ.
ﻳﺤﻜﻲ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺟﺎﺀ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻫﻞ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ﺑﺮ ﺃﺑﻮﻱ ﺷﻲﺀ
ﺃﺑﺮُّﻫﻤﺎ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﻤﺎ؟ ﻗﺎﻝ) :ﻧﻌﻢ.
ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ )ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ،( ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ
ﻟﻬﻤﺎ، ﻭﺇﻳﻔﺎﺀٌ ﺑﻌﻬﻮﺩﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﻤﺎ،
ﻭﺇﻛﺮﺍﻡ ﺻﺪﻳﻘﻬﻤﺎ، ﻭﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ
ﺗﻮﺻﻞ ﺇﻻ ﺑﻬﻤﺎ] (ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ.[
ﻭﺣﺚَّ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﻞَّ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻛﺜﺎﺭ ﻣﻦ
ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ، ﻓﻘﺎﻝ:
}ﺭﺑﻨﺎ ﺍﻏﻔﺮ ﻟﻲ ﻭﻟﻮﺍﻟﺪﻱ ﻭﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻳﻮﻡ
ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ] {ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ،[41 : ﻭﻗﺎﻝ:
}ﺭﺏ ﺍﻏﻔﺮ ﻟﻲ ﻭﻟﻮﺍﻟﺪﻱ ﻭﻟﻤﻦ ﺩﺧﻞ ﺑﻴﺘﻲ
ﻣﺆﻣﻨًﺎ ﻭﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺆﻣﻨﺎﺕ{
]ﻧﻮﺡ.[28 :
ﻓﻀﻞ ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ:
ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻟﻪ ﻓﻀﻞ ﻋﻈﻴﻢ، ﻭﺃﺟﺮ ﻛﺒﻴﺮ
ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ -ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ،- ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺮ
ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺃﺣﺒﻬﺎ ﺇﻟﻴﻪ،
ﻓﻘﺪ ﺳﺌﻞ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
ﺃﻱ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ؟ ﻗﺎﻝ) :ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻋﻠﻰ ﻭﻗﺘﻬﺎ.(
ﻗﺎﻝ: ﺛﻢ ﺃﻱ؟ ﻗﺎﻝ) :ﺛﻢ ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ.( ﻗﺎﻝ:
ﺛﻢ ﺃﻱ؟ ﻗﺎﻝ) :ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ_ (
]ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ:
ﺭﺿﺎ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺭﺿﺎ ﺍﻟﻠﻪ: ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ
ﻳﺴﻌﻰ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺇﻟﻰ ﺭﺿﺎ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ؛ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺎﻝ
ﺭﺿﺎ ﺭﺑﻪ، ﻭﻳﺘﺠﻨﺐ ﺇﻏﻀﺎﺑﻬﻤﺎ، ﺣﺘﻰ ﻻ
ﻳﻐﻀﺐ ﺍﻟﻠﻪ. ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﺭﺿﺎ ﺍﻟﺮﺏ ﻓﻲ ﺭﺿﺎ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ، ﻭﺳﺨﻂ ﺍﻟﺮﺏ
ﻓﻲ ﺳﺨﻂ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ] (ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ،[ ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻣﻦ ﺃﺭﺿﻰ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ ﻓﻘﺪ
ﺃﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻣﻦ ﺃﺳﺨﻂ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ ﻓﻘﺪ
ﺃﺳﺨﻂ ﺍﻟﻠﻪ] (ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ.[
ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺗﺤﺖ ﺃﻗﺪﺍﻡ ﺍﻷﻣﻬﺎﺕ: ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ،
ﻓﺄﻣﺮﻩ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ
ﻳﺮﺟﻊ ﻭﻳﺒﺮ ﺃﻣﻪ، ﻓﺄﻋﺎﺩ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺭﻏﺒﺘﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ، ﻓﺄﻣﺮﻩ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺮﺟﻊ ﻭﻳﺒﺮ ﺃﻣﻪ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺓ
ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ، ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ) :ﻭﻳﺤﻚ! ﺍﻟﺰﻡ ﺭِﺟْﻠَﻬَﺎ ﻓﺜﻢ ﺍﻟﺠﻨﺔ(
]ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ.[
ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪ: ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ:
ﺇﻧﻲ ﺃﺷﺘﻬﻲ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ، ﻭﻻ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ. ﻓﻘﺎﻝ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻫﻞ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ
ﻭﺍﻟﺪﻳﻚ ﺃﺣﺪ؟.( ﻗﺎﻝ: ﺃﻣﻲ. ﻗﺎﻝ) :ﻓﺎﺳﺄﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺑﺮﻫﺎ، ﻓﺈﺫﺍ ﻓﻌﻠﺖَ ﺫﻟﻚ ﻓﺄﻧﺖ ﺣﺎﺝٌّ
ﻭﻣﻌﺘﻤﺮ ﻭﻣﺠﺎﻫﺪ] (ﺍﻟﻄﺒﺮﺍﻧﻲ.[
ﻭﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺎﺳﺘﺄﺫﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ، ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺃﺣﻲ ﻭﺍﻟﺪﺍﻙ؟.( ﻗﺎﻝ:
ﻧﻌﻢ. ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﻓﻔﻴﻬﻤﺎ ﻓﺠﺎﻫﺪ] (ﻣﺴﻠﻢ.[
ﻭﺃﻗﺒﻞ ﺭﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﺑﺎﻳﻌﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ
ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺩ؛ ﺃﺑﺘﻐﻲ ﺍﻷﺟﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻘﺎﻝ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻓﻬﻞ ﻣﻦ ﻭﺍﻟﺪﻳﻚ
ﺃﺣﺪ ﺣﻲ؟.( ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ. ﺑﻞ ﻛﻼﻫﻤﺎ. ﻓﻘﺎﻝ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻓﺘﺒﺘﻐﻲ ﺍﻷﺟﺮ
ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ؟.( ﻓﻘﺎﻝ: ﻧﻌﻢ. ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻓﺎﺭﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﻟﺪﻳﻚ،
ﻓﺄَﺣْﺴِﻦْ ﺻُﺤْﺒَﺘَﻬُﻤﺎ] (ﻣﺴﻠﻢ.[
ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺒﺮِّ ﺍﻷﺑﻨﺎﺀ: ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺎﺭًّﺍ
ﺑﻮﺍﻟﺪﻳﻪ ﻣﺤﺴﻨًﺎ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ-
ﺳﻮﻑ ﻳﺮﺯﻗﻪ ﺃﻭﻻﺩًﺍ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺑﺎﺭﻳﻦ
ﻣﺤﺴﻨﻴﻦ ﻟﻪ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﻫﻮ ﻣﻊ
ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ، ﺭﻭﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ) :ﺑِﺮُّﻭﺍ ﺁﺑﺎﺀﻛﻢ ﺗَﺒﺮُّﻛﻢ ﺃﺑﻨﺎﺅﻛﻢ،
ﻭﻋِﻔُّﻮﺍ ﺗَﻌِﻒُّ ﻧﺴﺎﺅﻛﻢ] (ﺍﻟﻄﺒﺮﺍﻧﻲ
ﻭﺍﻟﺤﺎﻛﻢ.[
ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﺎﻥ:
ﻛﺎﻥ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻨﻪ- ﺑﺎﺭًّﺍ ﺑﺄﻣﻪ، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺳﻠﻢ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ ﺃﻣﻪ: ﻳﺎ
ﺳﻌﺪ، ﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺍﻙ؟ ﻟﺘﺪﻋﻦ ﺩﻳﻨﻚ
ﻫﺬﺍ ﺃﻭ ﻻ ﺁﻛﻞ ﻭﻻ ﺃﺷﺮﺏ ﺣﺘﻰ ﺃﻣﻮﺕ
ﻓﺘُﻌَﻴﺮ ﺑﻲ، ﻓﻴﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﻗﺎﺗﻞ ﺃﻣﻪ. ﻗﺎﻝ ﺳﻌﺪ:
ﻳﺎ ﺃﻣﻪ، ﻻ ﺗﻔﻌﻠﻲ، ﻓﺈﻧﻲ ﻻ ﺃﺩﻉ ﺩﻳﻨﻲ ﻫﺬﺍ
ﻟﺸﻲﺀ. ﻭﻣﻜﺜﺖ ﺃﻡ ﺳﻌﺪ ﻳﻮﻣًﺎ ﻭﻟﻴﻠﺔ ﻻ
ﺗﺄﻛﻞ ﻭﻻ ﺗﺸﺮﺏ ﺣﺘﻰ ﺍﺷﺘﺪ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺠﻮﻉ،
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺳﻌﺪ: ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ -ﻭﺍﻟﻠﻪ- ﻟﻮ ﻛﺎﻥ
ﻟﻚ ﻣﺎﺋﺔ ﻧَﻔْﺲ ﻓﺨﺮﺟﺖ ﻧَﻔْﺴًﺎ ﻧَﻔْﺴًﺎ ﻣﺎ
ﺗﺮﻛﺖُ ﺩﻳﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﻟﺸﻲﺀ، ﻓﺈﻥ ﺷﺌﺖِ
ﻓﻜُﻠِﻲ، ﻭﺇﻥ ﺷﺌﺖِ ﻓﻼ ﺗﺄﻛﻠﻲ.
ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﺕ ﺇﺻﺮﺍﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ
ﺃﻛﻠﺖ. ﻭﻧﺰﻝ ﻳﺆﻳﺪﻩ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻭﺇﻥ
ﺟﺎﻫﺪﺍﻙ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺸﺮﻙ ﺑﻲ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻚ
ﺑﻪ ﻋﻠﻢ ﻓﻼ ﺗﻄﻌﻬﻤﺎ ﻭﺻﺎﺣﺒﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﻣﻌﺮﻭﻓًﺎ] {ﻟﻘﻤﺎﻥ.[15 : ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺄﻣﺮﻧﺎ
ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺎﻟﺒﺮ ﺑﺎﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﺘﻰ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺎ
ﻣﺸﺮﻛﻴﻦ.
ﻭﺗﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺑﻨﺖ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ -
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ:- ﻗﺪﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻲ ﻭﻫﻲ
ﻣﺸﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﺎﺳﺘﻔﺘﻴﺖُ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻗﻠﺖ: ﺇﻥ ﺃﻣﻲ ﻗَﺪِﻣَﺖْ
ﻭﻫﻲ ﺭﺍﻏﺒﺔ )ﺃﻱ ﻃﺎﻣﻌﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﻨﺪﻱ ﻣﻦ
ﺑﺮ،( ﺃﻓَﺄَﺻِﻞُ ﺃﻣﻲ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ) :ﻧﻌﻢ، ﺻﻠﻲ ﺃﻣَّﻚِ] (ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﻋﻘﻮﻕ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ:
ﺣﺬَّﺭ ﺍﻟﻠﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ- ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﻕ
ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﺪﻡ ﻃﺎﻋﺘﻬﻤﺎ، ﻭﺇﻫﻤﺎﻝ
ﺣﻘﻬﻤﺎ، ﻭﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺮﺿﻴﻬﻤﺎ ﺃﻭ ﺇﻳﺬﺍﺋﻬﻤﺎ
ﻭﻟﻮ ﺑﻜﻠﻤﺔ )ﺃﻑ( ﺃﻭ ﺑﻨﻈﺮﺓ، ﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
}ﻓﻼ ﺗﻘﻞ ﻟﻬﻤﺎ ﺃﻑ ﻭﻻ ﺗﻨﻬﺮﻫﻤﺎ ﻭﻗﻞ ﻟﻬﻤﺎ
ﻗﻮﻻً ﻛﺮﻳﻤًﺎ] {ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ.[23 : ﻭﻻ ﻳﺪﺧﻞ
ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﻭﻟﻮ ﺑﺄﻱ ﺳﺒﺐ؛ ﻷﻥ ﺇﺩﺧﺎﻝ
ﺍﻟﺤﺰﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻘﻮﻕ ﻟﻬﻤﺎ، ﻭﻗﺪ
ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ:- ﻣَﻦْ
ﺃﺣﺰﻥ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ ﻓﻘﺪ ﻋَﻘَّﻬُﻤَﺎ.
ﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻌﻘﻮﻕ:
ﻋﺪَّ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻘﻮﻕ
ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺋﺮ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ، ﺑﻞ ﻣﻦ ﺃﻛﺒﺮ
ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ، ﻭﺟﻤﻊ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﺑﺎﻟﻠﻪ،
ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺃﻻ ﺃﻧﺒﺌﻜﻢ
ﺑﺄﻛﺒﺮ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ: ﺍﻹﺷﺮﺍﻙ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭﻋﻘﻮﻕ
ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ] (...ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﻭﺍﻟﻠﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ- ﻳﻌَﺠِّﻞ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻕِّ
ﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ) :ﻛﻞ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻳﺆﺧِّﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ
ﺷﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺇﻻ ﻋﻘﻮﻕ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ،
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﺠﻠﻪ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻗﺒﻞ
ﺍﻟﻤﻤﺎﺕ] (ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ.[ﺒﻦ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ
ﻟﻴﺸﺮﺑﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺸﺮﺏ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﻭﻻﺩﻱ،
ﻭﺗﺄﺧﺮﺕ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺫﺍﺕ ﻟﻴﻠﺔ، ﻓﻮﺟﺪﺗُﻬﻤﺎ
ﻧﺎﺋﻤﻴﻦ، ﻓﻜﺮﻫﺖ ﺃﻥ ﺃﻭﻗﻈﻬﻤﺎ ﺃﻭ ﺃﻋﻄﻲ
ﺃﺣﺪًﺍ ﻣﻦ ﺃﻭﻻﺩﻱ ﻗﺒﻠﻬﻤﺎ، ﻓﻈﻠﻠﺖ ﻭﺍﻗﻔًﺎ -
ﻭﻗﺪﺡ ﺍﻟﻠﺒﻦ ﻓﻲ ﻳﺪﻱ- ﺃﻧﺘﻈﺮ ﺍﺳﺘﻴﻘﺎﻇﻬﻤﺎ
ﺣﺘﻰ ﻃﻠﻊ ﺍﻟﻔﺠﺮ، ﻭﺃﻭﻻﺩﻱ ﻳﺒﻜﻮﻥ ﻣﻦ
ﺷﺪﺓ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻣﻲ ﺣﺘﻰ ﺍﺳﺘﻴﻘﻆ
ﻭﺍﻟﺪﻱ ﻭﺷﺮﺑﺎ ﺍﻟﻠﺒﻦ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻥ ﻛﻨﺖُ ﻓﻌﻠﺖُ
ﺫﻟﻚ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﻭﺟﻬﻚ ﻓﻔﺮِّﺝ ﻋﻨﺎ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ،
ﻓﺎﻧﻔﺮﺟﺖ ﺍﻟﺼﺨﺮﺓ، ﻭﺧﺮﺝ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﻐﺎﺭ.
]ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻣﺄﺧﻮﺫﺓ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ؟
ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻫﻮ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ،
ﻭﻃﺎﻋﺘﻬﻤﺎ، ﻭﻓﻌﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ ﻟﻬﻤﺎ، ﻭﻗﺪ
ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻻ
ﺗﻌﺪﻟﻬﺎ ﻣﻨﺰﻟﺔ، ﻓﺠﻌﻞ ﺑﺮﻫﻤﺎ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ
ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺭﺿﺎﻫﻤﺎ ﻓﺮﺽ
ﻋﻈﻴﻢ، ﻭﺫﻛﺮﻩ ﺑﻌﺪ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻌﺒﺎﺩﺗﻪ، ﻓﻘﺎﻝ
ﺟﻞَّ ﺷﺄﻧﻪ} :ﻭﻗﻀﻰ ﺭﺑﻚ ﺃﻻ ﺗﻌﺒﺪﻭﺍ ﺇﻻ ﺇﻳﺎﻩ
ﻭﺑﺎﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﺣﺴﺎﻧًﺎ] {ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ.[23 :
ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻭﺍﻋﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻻ ﺗﺸﺮﻛﻮﺍ ﺑﻪ
ﺷﻴﺌًﺎ ﻭﺑﺎﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﺣﺴﺎﻧًﺎ{
]ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ.[36 : ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻭﻭﺻﻴﻨﺎ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﻮﺍﻟﺪﻳﻪ ﺣﻤﻠﺘﻪ ﺃﻣﻪ ﻭﻫﻨًﺎ ﻋﻠﻰ
ﻭﻫﻦ ﻭﻓﺼﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻋﺎﻣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﺷﻜﺮ ﻟﻲ
ﻭﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ] {ﻟﻘﻤﺎﻥ.[14 :
ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﻤﺎ:
ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺒﺮ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻤﺎ،
ﻭﻳﺒﺮﻫﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﻤﺎ؛ ﺑﺄﻥ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻬﻤﺎ
ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ، ﻭﻳﻨَﻔِّﺬَ ﻋﻬﺪﻫﻤﺎ،
ﻭﻳﻜﺮﻡَ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀﻫﻤﺎ.
ﻳﺤﻜﻲ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺟﺎﺀ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻫﻞ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ﺑﺮ ﺃﺑﻮﻱ ﺷﻲﺀ
ﺃﺑﺮُّﻫﻤﺎ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﻤﺎ؟ ﻗﺎﻝ) :ﻧﻌﻢ.
ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ )ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ،( ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ
ﻟﻬﻤﺎ، ﻭﺇﻳﻔﺎﺀٌ ﺑﻌﻬﻮﺩﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﻤﺎ،
ﻭﺇﻛﺮﺍﻡ ﺻﺪﻳﻘﻬﻤﺎ، ﻭﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ
ﺗﻮﺻﻞ ﺇﻻ ﺑﻬﻤﺎ] (ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ.[
ﻭﺣﺚَّ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﻞَّ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻛﺜﺎﺭ ﻣﻦ
ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ، ﻓﻘﺎﻝ:
}ﺭﺑﻨﺎ ﺍﻏﻔﺮ ﻟﻲ ﻭﻟﻮﺍﻟﺪﻱ ﻭﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻳﻮﻡ
ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ] {ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ،[41 : ﻭﻗﺎﻝ:
}ﺭﺏ ﺍﻏﻔﺮ ﻟﻲ ﻭﻟﻮﺍﻟﺪﻱ ﻭﻟﻤﻦ ﺩﺧﻞ ﺑﻴﺘﻲ
ﻣﺆﻣﻨًﺎ ﻭﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺆﻣﻨﺎﺕ{
]ﻧﻮﺡ.[28 :
ﻓﻀﻞ ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ:
ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻟﻪ ﻓﻀﻞ ﻋﻈﻴﻢ، ﻭﺃﺟﺮ ﻛﺒﻴﺮ
ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ -ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ،- ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺮ
ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺃﺣﺒﻬﺎ ﺇﻟﻴﻪ،
ﻓﻘﺪ ﺳﺌﻞ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
ﺃﻱ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ؟ ﻗﺎﻝ) :ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻋﻠﻰ ﻭﻗﺘﻬﺎ.(
ﻗﺎﻝ: ﺛﻢ ﺃﻱ؟ ﻗﺎﻝ) :ﺛﻢ ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ.( ﻗﺎﻝ:
ﺛﻢ ﺃﻱ؟ ﻗﺎﻝ) :ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ_ (
]ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[ ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ:
ﺭﺿﺎ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺭﺿﺎ ﺍﻟﻠﻪ: ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ
ﻳﺴﻌﻰ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺇﻟﻰ ﺭﺿﺎ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ؛ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺎﻝ
ﺭﺿﺎ ﺭﺑﻪ، ﻭﻳﺘﺠﻨﺐ ﺇﻏﻀﺎﺑﻬﻤﺎ، ﺣﺘﻰ ﻻ
ﻳﻐﻀﺐ ﺍﻟﻠﻪ. ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﺭﺿﺎ ﺍﻟﺮﺏ ﻓﻲ ﺭﺿﺎ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ، ﻭﺳﺨﻂ ﺍﻟﺮﺏ
ﻓﻲ ﺳﺨﻂ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ] (ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ،[ ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻣﻦ ﺃﺭﺿﻰ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ ﻓﻘﺪ
ﺃﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻣﻦ ﺃﺳﺨﻂ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ ﻓﻘﺪ
ﺃﺳﺨﻂ ﺍﻟﻠﻪ] (ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ.[
ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺗﺤﺖ ﺃﻗﺪﺍﻡ ﺍﻷﻣﻬﺎﺕ: ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ،
ﻓﺄﻣﺮﻩ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ
ﻳﺮﺟﻊ ﻭﻳﺒﺮ ﺃﻣﻪ، ﻓﺄﻋﺎﺩ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺭﻏﺒﺘﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ، ﻓﺄﻣﺮﻩ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺮﺟﻊ ﻭﻳﺒﺮ ﺃﻣﻪ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺓ
ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ، ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ) :ﻭﻳﺤﻚ! ﺍﻟﺰﻡ ﺭِﺟْﻠَﻬَﺎ ﻓﺜﻢ ﺍﻟﺠﻨﺔ(
]ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ.[
ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪ: ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ:
ﺇﻧﻲ ﺃﺷﺘﻬﻲ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ، ﻭﻻ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ. ﻓﻘﺎﻝ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻫﻞ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ
ﻭﺍﻟﺪﻳﻚ ﺃﺣﺪ؟.( ﻗﺎﻝ: ﺃﻣﻲ. ﻗﺎﻝ) :ﻓﺎﺳﺄﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺑﺮﻫﺎ، ﻓﺈﺫﺍ ﻓﻌﻠﺖَ ﺫﻟﻚ ﻓﺄﻧﺖ ﺣﺎﺝٌّ
ﻭﻣﻌﺘﻤﺮ ﻭﻣﺠﺎﻫﺪ] (ﺍﻟﻄﺒﺮﺍﻧﻲ.[
ﻭﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺎﺳﺘﺄﺫﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ، ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺃﺣﻲ ﻭﺍﻟﺪﺍﻙ؟.( ﻗﺎﻝ:
ﻧﻌﻢ. ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﻓﻔﻴﻬﻤﺎ ﻓﺠﺎﻫﺪ] (ﻣﺴﻠﻢ.[
ﻭﺃﻗﺒﻞ ﺭﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﺑﺎﻳﻌﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ
ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺩ؛ ﺃﺑﺘﻐﻲ ﺍﻷﺟﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻘﺎﻝ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻓﻬﻞ ﻣﻦ ﻭﺍﻟﺪﻳﻚ
ﺃﺣﺪ ﺣﻲ؟.( ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ. ﺑﻞ ﻛﻼﻫﻤﺎ. ﻓﻘﺎﻝ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻓﺘﺒﺘﻐﻲ ﺍﻷﺟﺮ
ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ؟.( ﻓﻘﺎﻝ: ﻧﻌﻢ. ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻓﺎﺭﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﻟﺪﻳﻚ،
ﻓﺄَﺣْﺴِﻦْ ﺻُﺤْﺒَﺘَﻬُﻤﺎ] (ﻣﺴﻠﻢ.[
ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺒﺮِّ ﺍﻷﺑﻨﺎﺀ: ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺎﺭًّﺍ
ﺑﻮﺍﻟﺪﻳﻪ ﻣﺤﺴﻨًﺎ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ-
ﺳﻮﻑ ﻳﺮﺯﻗﻪ ﺃﻭﻻﺩًﺍ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺑﺎﺭﻳﻦ
ﻣﺤﺴﻨﻴﻦ ﻟﻪ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﻫﻮ ﻣﻊ
ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ، ﺭﻭﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ) :ﺑِﺮُّﻭﺍ ﺁﺑﺎﺀﻛﻢ ﺗَﺒﺮُّﻛﻢ ﺃﺑﻨﺎﺅﻛﻢ،
ﻭﻋِﻔُّﻮﺍ ﺗَﻌِﻒُّ ﻧﺴﺎﺅﻛﻢ] (ﺍﻟﻄﺒﺮﺍﻧﻲ
ﻭﺍﻟﺤﺎﻛﻢ.[
ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﺎﻥ:
ﻛﺎﻥ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻨﻪ- ﺑﺎﺭًّﺍ ﺑﺄﻣﻪ، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺳﻠﻢ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ ﺃﻣﻪ: ﻳﺎ
ﺳﻌﺪ، ﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺍﻙ؟ ﻟﺘﺪﻋﻦ ﺩﻳﻨﻚ
ﻫﺬﺍ ﺃﻭ ﻻ ﺁﻛﻞ ﻭﻻ ﺃﺷﺮﺏ ﺣﺘﻰ ﺃﻣﻮﺕ
ﻓﺘُﻌَﻴﺮ ﺑﻲ، ﻓﻴﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﻗﺎﺗﻞ ﺃﻣﻪ. ﻗﺎﻝ ﺳﻌﺪ:
ﻳﺎ ﺃﻣﻪ، ﻻ ﺗﻔﻌﻠﻲ، ﻓﺈﻧﻲ ﻻ ﺃﺩﻉ ﺩﻳﻨﻲ ﻫﺬﺍ
ﻟﺸﻲﺀ. ﻭﻣﻜﺜﺖ ﺃﻡ ﺳﻌﺪ ﻳﻮﻣًﺎ ﻭﻟﻴﻠﺔ ﻻ
ﺗﺄﻛﻞ ﻭﻻ ﺗﺸﺮﺏ ﺣﺘﻰ ﺍﺷﺘﺪ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺠﻮﻉ،
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺳﻌﺪ: ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ -ﻭﺍﻟﻠﻪ- ﻟﻮ ﻛﺎﻥ
ﻟﻚ ﻣﺎﺋﺔ ﻧَﻔْﺲ ﻓﺨﺮﺟﺖ ﻧَﻔْﺴًﺎ ﻧَﻔْﺴًﺎ ﻣﺎ
ﺗﺮﻛﺖُ ﺩﻳﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﻟﺸﻲﺀ، ﻓﺈﻥ ﺷﺌﺖِ
ﻓﻜُﻠِﻲ، ﻭﺇﻥ ﺷﺌﺖِ ﻓﻼ ﺗﺄﻛﻠﻲ.
ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﺕ ﺇﺻﺮﺍﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ
ﺃﻛﻠﺖ. ﻭﻧﺰﻝ ﻳﺆﻳﺪﻩ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻭﺇﻥ
ﺟﺎﻫﺪﺍﻙ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺸﺮﻙ ﺑﻲ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻚ
ﺑﻪ ﻋﻠﻢ ﻓﻼ ﺗﻄﻌﻬﻤﺎ ﻭﺻﺎﺣﺒﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﻣﻌﺮﻭﻓًﺎ] {ﻟﻘﻤﺎﻥ.[15 : ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺄﻣﺮﻧﺎ
ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺎﻟﺒﺮ ﺑﺎﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﺘﻰ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺎ
ﻣﺸﺮﻛﻴﻦ.
ﻭﺗﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺑﻨﺖ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ -
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ:- ﻗﺪﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻲ ﻭﻫﻲ
ﻣﺸﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﺎﺳﺘﻔﺘﻴﺖُ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻗﻠﺖ: ﺇﻥ ﺃﻣﻲ ﻗَﺪِﻣَﺖْ
ﻭﻫﻲ ﺭﺍﻏﺒﺔ )ﺃﻱ ﻃﺎﻣﻌﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﻨﺪﻱ ﻣﻦ
ﺑﺮ،( ﺃﻓَﺄَﺻِﻞُ ﺃﻣﻲ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ) :ﻧﻌﻢ، ﺻﻠﻲ ﺃﻣَّﻚِ] (ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﻋﻘﻮﻕ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ:
ﺣﺬَّﺭ ﺍﻟﻠﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ- ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﻕ
ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﺪﻡ ﻃﺎﻋﺘﻬﻤﺎ، ﻭﺇﻫﻤﺎﻝ
ﺣﻘﻬﻤﺎ، ﻭﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺮﺿﻴﻬﻤﺎ ﺃﻭ ﺇﻳﺬﺍﺋﻬﻤﺎ
ﻭﻟﻮ ﺑﻜﻠﻤﺔ )ﺃﻑ( ﺃﻭ ﺑﻨﻈﺮﺓ، ﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
}ﻓﻼ ﺗﻘﻞ ﻟﻬﻤﺎ ﺃﻑ ﻭﻻ ﺗﻨﻬﺮﻫﻤﺎ ﻭﻗﻞ ﻟﻬﻤﺎ
ﻗﻮﻻً ﻛﺮﻳﻤًﺎ] {ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ.[23 : ﻭﻻ ﻳﺪﺧﻞ
ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﻭﻟﻮ ﺑﺄﻱ ﺳﺒﺐ؛ ﻷﻥ ﺇﺩﺧﺎﻝ
ﺍﻟﺤﺰﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻘﻮﻕ ﻟﻬﻤﺎ، ﻭﻗﺪ
ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ:- ﻣَﻦْ
ﺃﺣﺰﻥ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ ﻓﻘﺪ ﻋَﻘَّﻬُﻤَﺎ.
ﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻌﻘﻮﻕ:
ﻋﺪَّ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻘﻮﻕ
ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺋﺮ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ، ﺑﻞ ﻣﻦ ﺃﻛﺒﺮ
ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ، ﻭﺟﻤﻊ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﺑﺎﻟﻠﻪ،
ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺃﻻ ﺃﻧﺒﺌﻜﻢ
ﺑﺄﻛﺒﺮ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ: ﺍﻹﺷﺮﺍﻙ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭﻋﻘﻮﻕ
ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ] (...ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﻭﺍﻟﻠﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ- ﻳﻌَﺠِّﻞ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻕِّ
ﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ) :ﻛﻞ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻳﺆﺧِّﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ
ﺷﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺇﻻ ﻋﻘﻮﻕ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ،
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﺠﻠﻪ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻗﺒﻞ
ﺍﻟﻤﻤﺎﺕ] (ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ.[