ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ
ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ
ﻳﺤﻜﻰ ﺃﻥ ﺛﻼﺛﺔ ﺭﺟﺎﻝ ﺳﺎﺭﻭﺍ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ
ﻓﻌﺜﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻛﻨﺰ، ﻭﺍﺗﻔﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺴﻴﻤﻪ
ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﻭﻱ، ﻭﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻣﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ
ﺃﺣﺴﻮﺍ ﺑﺎﻟﺠﻮﻉ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ، ﻓﺄﺭﺳﻠﻮﺍ ﺃﺣﺪﻫﻢ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﻴﺤﻀﺮ ﻟﻬﻢ ﻃﻌﺎﻣًﺎ، ﻭﺗﻮﺍﺻﻮﺍ
ﺑﺎﻟﻜﺘﻤﺎﻥ، ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻄﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮﻫﻢ،
ﻭﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺫﻫﺎﺏ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻹﺣﻀﺎﺭ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ
ﺣﺪﺛﺘﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺒﻴﻪ،
ﻭﻳﻨﻔﺮﺩ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﻜﻨﺰ ﻭﺣﺪﻩ، ﻓﺎﺷﺘﺮﻯ ﺳﻤًّﺎ
ﻭﻭﺿﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ،
ﺍﺗﻔﻖ ﺻﺎﺣﺒﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻠﻪ ﻋﻨﺪ ﻋﻮﺩﺗﻪ؛
ﻟﻴﻘﺘﺴﻤﺎ ﺍﻟﻜﻨﺰ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻓﻘﻂ، ﻭﻟﻤﺎ
ﻋﺎﺩ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺎﻟﻄﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﻤﻮﻡ ﻗﺘﻠﻪ
ﺻﺎﺣﺒﺎﻩ، ﺛﻢ ﺟﻠﺴﺎ ﻳﺄﻛﻼﻥ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ؛ ﻓﻤﺎﺗﺎ
ﻣﻦ ﺃﺛﺮ ﺍﻟﺴﻢ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﻬﺎﻳﺔ
ﺍﻟﻄﺎﻣﻌﻴﻦ ﻭﻋﺎﻗﺒﺔ ﺍﻟﻄﻤﻊ.
*ﺃُﻫْﺪِﻳَﺖْ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻨﻬﺎ- ﺳﻼﻻ ﻣﻦ ﻋﻨﺐ، ﻓﺄﺧﺬﺕ ﺗﺘﺼﺪﻕ ﺑﻬﺎ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺟﺎﺭﻳﺘﻬﺎ
ﻗﺪ ﺃﺧﺬﺕ ﺳﻠﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻼﻝ ﻭﺃﺧﻔﺘﻬﺎ
ﻋﻨﻬﺎ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﺃﺣﻀﺮﺗﻬﺎ، ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻬﺎ
ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ:- ﻣﺎ ﻫﺬﺍ؟
ﻓﺄﺟﺎﺑﺖ ﺍﻟﺠﺎﺭﻳﺔ: ﺍﺩﺧﺮﺗُﻪ ﻟﻨﺄﻛﻠﻪ. ﻓﻘﺎﻟﺖ
ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ:- ﺃﻣﺎ
ﻳﻜﻔﻲ ﻋﻨﻘﻮﺩ ﺃﻭ ﻋﻨﻘﻮﺩﺍﻥ؟
*ﺫﻫﺐ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﺣﻜﻴﻢ ﺑﻦ ﺣﺰﺍﻡ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺳﺄﻟﻪ
ﺃﻥ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ، ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ. ﺛﻢ ﺳﺄﻟﻪ
ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ، ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ. ﺛﻢ ﺳﺄﻟﻪ ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻟﺜﺔ،
ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ. ﺛﻢ
ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﻣُﻌﻠِّﻤًﺎ) :ﻳﺎ ﺣﻜﻴﻢ، ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺎﻝ
ﺧَﻀِﺮٌ ﺣﻠﻮ )ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺎﻛﻬﺔ ﺍﻟﺤﻠﻮﺓ
ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ،( ﻓﻤﻦ ﺃﺧﺬﻩ ﺑﺴﺨﺎﻭﺓ ﻧﻔﺲ
)ﺑﻐﻴﺮ ﺳﺆﺍﻝ ﻭﻻ ﻃﻤﻊ( ﺑﻮﺭﻙ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ،
ﻭﻣﻦ ﺃﺧﺬﻩ ﺑﺈﺷﺮﺍﻑ ﻧﻔﺲ ﻟﻢ ﻳﺒَﺎﺭَﻙْ ﻟﻪ
ﻓﻴﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻛﺎﻟﺬﻱ ﻳﺄﻛﻞ ﻭﻻ ﻳﺸﺒﻊ، ﻭﺍﻟﻴﺪ
ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ )ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻄﻲ( ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﺪ
ﺍﻟﺴﻔﻠﻲ )ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺄﺧﺬ] .(ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﻓﻌﺎﻫﺪ ﺣﻜﻴﻢ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻻ ﻳﺄﺧﺬ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﺃﺑﺪًﺍ ﺣﺘﻰ
ﻳﻔﺎﺭﻕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ. ﻓﻜﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ -
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ- ﻳﻄﻠﺒﻪ ﻟﻴﻌﻄﻴﻪ ﻧﺼﻴﺒﻪ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻓﻴﺮﻓﺾ ﺃﻥ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌًﺎ،
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻟﻰ ﻋﻤﺮ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ-
ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺩﻋﺎﻩ ﻟﻴﻌﻄﻴﻪ ﻓﺮﻓﺾ ﺣﻜﻴﻢ،
ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ: ﻳﺎ ﻣﻌﺸﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ،
ﺃﺷﻬﺪﻛﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻴﻢ ﺃﻧﻲ ﺃﻋﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ
ﺣﻘﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺴﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻲﺀ
)ﺍﻟﻐﻨﻴﻤﺔ،( ﻓﻴﺄﺑﻰ ﺃﻥ ﻳﻘﺒﻠﻪ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻇﻞَّ ﺣﻜﻴﻢ ﻗﺎﻧﻌًﺎ، ﻻ ﻳﺘﻄﻠﻊ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠَّﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻻ ﻳﺴﺄﻝ
ﺃﺣﺪًﺍ ﺷﻴﺌًﺎ؛ ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻨﺎﺯﻝ ﻋﻦ ﺣﻘﻪ،
ﻭﻳﻌﻴﺶ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻪ ﻭﺟﻬﺪﻩ.
*ﻛﺎﻥ ﺳﻠﻤﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ-
ﻭﺍﻟﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﺪﻥ، ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺍﺗﺒﻪ
ﺧﻤﺴﺔ ﺁﻻﻑ ﺩﺭﻫﻢ ﻳﺘﺼﺪﻕ ﺑﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ،
ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺸﺘﺮﻱ ﺧﻮﺻًﺎ ﺑﺪﺭﻫﻢ، ﻓﻴﺼﻨﻊ ﺑﻪ
ﺁﻧﻴﺔ ﻓﻴﺒﻴﻌﻬﺎ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺩﺭﺍﻫﻢ؛ ﻓﻴﺘﺼﺪﻕ
ﺑﺪﺭﻫﻢ، ﻭﻳﺸﺘﺮﻱ ﻃﻌﺎﻣًﺎ ﻷﻫﻠﻪ ﺑﺪﺭﻫﻢ،
ﻭﺩﺭﻫﻢ ﻳﺒﻘﻴﻪ ﻟﻴﺸﺘﺮﻱ ﺑﻪ ﺧﻮﺻًﺎ ﺟﺪﻳﺪًﺍ.
ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ؟
ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﺑﻤﺎ ﻗﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻟﻮ
ﻛﺎﻥ ﻗﻠﻴﻼ، ﻭﻫﻲ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻄﻠﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ
ﺃﻳﺪﻱ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ، ﻭﻫﻲ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻕ
ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ. ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ) :ﻗﺪ ﺃﻓﻠﺢ ﻣﻦ ﺃﺳﻠﻢ، ﻭﺭُﺯﻕ ﻛﻔﺎﻓًﺎ،
ﻭﻗَﻨَّﻌﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﺁﺗﺎﻩ] (ﻣﺴﻠﻢ.[
ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
ﻛﺎﻥ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺮﺿﻰ ﺑﻤﺎ
ﻋﻨﺪﻩ، ﻭﻻ ﻳﺴﺄﻝ ﺃﺣﺪًﺍ ﺷﻴﺌًﺎ، ﻭﻻ ﻳﺘﻄﻠﻊ
ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﻏﻴﺮﻩ، ﻓﻜﺎﻥ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﻣﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ
ﺧﺪﻳﺠﺔ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ- ﻓﻴﺮﺑﺢ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻣﻦ
ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻳﻄﻤﻊ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻭﻛﺎﻧﺖ
ﺗُﻌْﺮَﺽُ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻐﻨﻤﻬﺎ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ، ﻓﻼ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻨﻬﺎ
ﺷﻴﺌًﺎ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺯﻋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ.
ﻭﻛﺎﻥ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻨﺎﻡ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺤﺼﻴﺮ، ﻓﺮﺁﻩ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﻗﺪ ﺃﺛﺮ ﺍﻟﺤﺼﻴﺮ
ﻓﻲ ﺟﻨﺒﻪ، ﻓﺄﺭﺍﺩﻭﺍ ﺃﻥ ﻳﻌﺪﻭﺍ ﻟﻪ ﻓﺮﺍﺷًﺎ ﻟﻴﻨًﺎ
ﻳﺠﻠﺲ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ) :ﻣﺎ ﻟﻲ ﻭﻣﺎ
ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ، ﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﻻ ﻛﺮﺍﻛﺐ ﺍﺳﺘﻈﻞ
ﺗﺤﺖ ﺷﺠﺮﺓ، ﺛﻢ ﺭﺍﺡ ﻭﺗﺮﻛﻬﺎ.(
]ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ.[
ﻻ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ:
ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﻘﻨﻊ ﺑﻤﺎ ﻗﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﻓﻴﻤﺎ
ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ
ﻭﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺤﺮﺹ ﺩﺍﺋﻤًﺎ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ، ﻣﺼﺪﺍﻗًﺎ ﻟﻘﻮﻟﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻭﺗﺰﻭﺩﻭﺍ ﻓﺈﻥ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺰﺍﺩ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ{
]ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.[197 : ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻭﺳﺎﺭﻋﻮﺍ
ﺇﻟﻰ ﻣﻐﻔﺮﺓ ﻣﻦ ﺭﺑﻜﻢ ﻭﺟﻨﺔ ﻋﺮﺿﻬﺎ
ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺃﻋﺪﺕ ﻟﻠﻤﺘﻘﻴﻦ] {ﺁﻝ
ﻋﻤﺮﺍﻥ.[133 :
ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ:
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻊ ﻳﺤﺒﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻳﺤﺒﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ،
ﻭﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺗﺤﻘﻖ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺧﻴﺮًﺍ ﻋﻈﻴﻤًﺎ
ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ:
ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺳﺒﺐ ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ: ﻓﻬﻲ ﻛﻨﺰ ﻻ ﻳﻨﻔﺪ،
ﻭﻗﺪ ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻬﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﻐﻨﻰ، ﻓﻘﺎﻝ) :ﻟﻴﺲ
ﺍﻟﻐِﻨَﻰ ﻋﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻌَﺮَﺽ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻐﻨﻰ
ﻏﻨﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ] (ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻣﻦ
ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻨﻜﻢ ﺁﻣﻨًﺎ ﻓﻲ ﺳﺮﺑﻪ، ﻣﻌﺎﻓًﻰ ﻓﻲ
ﺟﺴﺪﻩ، ﻋﻨﺪﻩ ﻗﻮﺕ ﻳﻮﻣﻪ، ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﺣﻴﺰﺕ
ﻟﻪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ] (ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ.[ ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺮﺿﺎ ﺑﻤﺎ ﻗﺴﻤﻪ
ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﻨﻴﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻋﺰﻳﺰًﺍ
ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻻ ﻳﺬﻝ ﻷﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ.
ﺃﻣﺎ ﻃﻤﻊ ﺍﻟﻤﺮﺀ، ﻭﺭﻏﺒﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ
ﻳﺠﻌﻠﻪ ﺫﻟﻴﻼً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﺎﻗﺪًﺍ ﻟﻌﺰﺗﻪ، ﻗﺎﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻭﺍﺭْﺽَ ﺑﻤﺎ
ﻗﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻚ ﺗﻜﻦ ﺃﻏﻨﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ(
]ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺃﺣﻤﺪ.[
ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻄﻤﺎﻉ ﻻ ﻳﺸﺒﻊ ﺃﺑﺪًﺍ، ﻭﻳﻠﺢ ﻓﻲ
ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺒﺮﻛﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﺮﺯﻕ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﻻ ﺗُﻠْﺤِﻔُﻮﺍ )ﺗﻠﺤﻮﺍ( ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ، ﻓﻮﺍﻟﻠﻪ ﻻ
ﻳﺴﺄﻟﻨﻲ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻜﻢ ﺷﻴﺌًﺎ ﻓﺘُﺨْﺮِﺝُ ﻟﻪ
ﻣﺴﺄﻟﺘُﻪ ﻣِﻨِّﻲ ﺷﻴﺌًﺎ، ﻭﺃﻧﺎ ﻟﻪ ﻛﺎﺭﻩ، ﻓﻴﺒﺎﺭَﻙُ
ﻟﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻋﻄﻴﺘُﻪ] (ﻣﺴﻠﻢ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ
ﻭﺃﺣﻤﺪ.[
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺍﻟﻴﺪ
ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﺴﻔﻠﻰ، ﻭﺍﺑﺪﺃ ﺑﻤﻦ
ﺗﻌﻮﻝ، ﻭﺧﻴﺮ ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ ﻋﻦ ﻇﻬﺮ ﻏﻨﻰ،
ﻭﻣﻦ ﻳﺴﺘﻌﻔﻒْ ﻳﻌِﻔَّﻪُ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻣﻦ ﻳﺴﺘﻐﻦِ
ﻳﻐْﻨِﻪِ ﺍﻟﻠﻪ] (ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺠﻨﺔ: ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺍﻟﻘﺎﻧﻊ ﺍﻟﺬﻱ
ﻻ ﻳﺴﺄﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺛﻮﺍﺑُﻪ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻓﻘﺎﻝ) :ﻣﻦ
ﻳﻜﻔﻞ ﻟﻲ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺴﺄﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺷﻴﺌًﺎ ﻭﺃﺗﻜﻔﻞ
ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ؟،( ﻓﻘﺎﻝ ﺛﻮﺑﺎﻥ: ﺃﻧﺎ. ﻓﻜﺎﻥ ﻻ
ﻳﺴﺄﻝ ﺃﺣﺪًﺍ ﺷﻴﺌًﺎ] .ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ
ﻭﺃﺣﻤﺪ.[
ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻋﺰﺓ ﻟﻠﻨﻔﺲ: ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺗﺠﻌﻞ
ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺣﺮًّﺍ؛ ﻓﻼ ﻳﺘﺴﻠﻂ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻵﺧﺮﻭﻥ،
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻄﻤﻊ ﻓﻴﺠﻌﻞ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻋﺒﺪًﺍ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ.
ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ-ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ:-
ﺍﻟﻄﻤﻊ ﺭﻕ ﻣﺆﺑﺪ )ﻋﺒﻮﺩﻳﺔ ﺩﺍﺋﻤﺔ.(
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ: ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺶ
ﺣﺮًّﺍ ﺃﻳﺎﻡ ﺣﻴﺎﺗﻪ؛ ﻓﻼ ﻳﺴﻜﻦ ﻗﻠﺒَﻪ ﺍﻟﻄﻤﻊُ.
ﻭﻗﻴﻞ: ﻋﺰ ﻣﻦ ﻗﻨﻊ، ﻭﺫﻝ ﻣﻦ ﻃﻤﻊ. ﻭﻗﻴﻞ:
ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﺛﻼﺛﺔ: ﻋﺒﺪ ﺭِﻕّ، ﻭﻋﺒﺪ ﺷﻬﻮﺓ، ﻭﻋﺒﺪ
ﻃﻤﻊ.
ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﻠﺮﺍﺣﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ: ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ
ﺍﻟﻘﺎﻧﻊ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺭﺍﺣﺔ ﻭﺃﻣﻦ ﻭﺍﻃﻤﺌﻨﺎﻥ
ﺩﺍﺋﻢ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻄﻤﺎﻉ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﻬﻤﻮﻣًﺎ، ﻭﻻ
ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻝ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ
ﺍﻟﻘﺪﺳﻲ) :ﻳﺎﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺗﻔﺮﻍْ ﻟﻌﺒﺎﺩﺗﻲ ﺃﻣﻸ
ﺻﺪﺭﻙ ﻏِﻨًﻰ، ﻭﺃَﺳُﺪَّ ﻓﻘﺮﻙ. ﻭﺇﻥ ﻟﻢ
ﺗﻔﻌﻞ، ﻣﻸﺕُ ﺻﺪﺭﻙ ﺷُﻐْﻼ، ﻭﻟﻢ ﺃﺳُﺪَّ
ﻓﻘﺮﻙ] (ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ.[
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ: ﺳﺮﻭﺭ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻥ ﺗﻘﻨﻊ
ﺑﻤﺎ ﺭُﺯِﻗْﺖَ، ﻭﻏﻤﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻐﺘﻢ ﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﺮﺯﻕ،
ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ:
ﻫـﻲ ﺍﻟﻘﻨـﺎﻋﺔ ﻻ ﺗـﺮﺿﻰ ﺑﻬــﺎ ﺑـﺪﻻ
ﻓﻴﻬــﺎ ﺍﻟﻨﻌﻴـﻢ ﻭﻓﻴﻬــﺎ ﺭﺍﺣـﺔ ﺍﻟﺒـﺪﻥِ
ﺍﻧﻈـﺮ ﻟﻤـﻦ ﻣﻠــﻚ ﺍﻟﺪﻧﻴـﺎ ﺑﺄﺟﻤـﻌـﻬﺎ
ﻫـﻞ ﺭﺍﺡ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻐﻴــﺮ ﺍﻟﻘﻄـﻦ ﻭﺍﻟﻜﻔـﻦِ