ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ
ﻛﺎﻥ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻳﻌﺎﺗﺐ ﺃﺧًﺎ ﻟﻪ،
ﻭﻳﻠﻮﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﺪﺓ ﺣﻴﺎﺋﻪ، ﻭﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺃﻥ
ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ، ﻭﻣﺮَّ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺴﻤﻌﻬﻤﺎ، ﻓﻘﺎﻝ
ﻟﻠﺮﺟﻞ) :ﺩﻋﻪ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ(
]ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
***
ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ؟
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺗﺨﺠﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﺐ
ﻭﺍﻟﺨﻄﺄ. ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ. ﻗﺎﻝ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻀﻊ ﻭﺳﺘﻮﻥ ﺷﻌﺒﺔ، ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺀ
ﺷﻌﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ] (ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[ ﺑﻞ ﺇﻥ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻗﺮﻧﺎﺀ ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺀ ﻻ
ﻳﻔﺘﺮﻗﺎﻥ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻗُﺮَﻧَﺎﺀ ﺟﻤﻴﻌًﺎ، ﻓﺈﺫﺍ ﺭُﻓِﻊَ
ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺭُﻓِﻊَ ﺍﻵﺧﺮ] .(ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ.[
ﻭﺧﻠﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻻ ﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ، ﺃﻭ ﻳﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﺃﻭ ﻳﺄﻣﺮ
ﺑﻤﻌﺮﻭﻑ، ﺃﻭ ﻳﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﻣﻨﻜﺮ. ﻓﻬﺬﻩ
ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻊ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻴﺎﺀ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﺩﺏ ﻭﺣﻜﻤﺔ،
ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻦ
ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻋﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ
ﻳﺴﺄﻟﻮﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻋﻦ ﺃﺩﻕ ﺍﻷﻣﻮﺭ، ﻓﻴﺠﻴﺒﻬﻢ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻨﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺧﺠﻞ ﺃﻭ ﺣﻴﺎﺀ.
ﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ:-
ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﺣَﻴِﻲ ﺳِﺘِّﻴﺮٌ،
ﻳﺤﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴﺘﺮ. ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺣَﻴﻲ ﺳﺘﻴﺮ، ﻳﺤﺐ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴﺘﺮ] (ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ.[
ﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺷﺪ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﻴﺎﺀً، ﻭﻛﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻛﺮﻩ ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﺮﻓﻪ
ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻪ. ﻭﻛﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﺑﻠﻐﻪ ﻋﻦ
ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﺎ ﻳﻜﺮﻫﻪ ﻟﻢ ﻳﻮﺟﻪ ﻟﻪ
ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ: ﻣﺎ ﺑﺎﻝ ﻓﻼﻥ ﻓﻌﻞ ﻛﺬﺍ
ﻭﻛﺬﺍ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﻣﺎ ﺑﺎﻝ ﺃﻗﻮﺍﻡ
ﻳﺼﻨﻌﻮﻥ ﻛﺬﺍ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﺳﻢ ﺃﺣﺪ
ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻔﻀﺤﻪ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺎﺣﺸًﺎ ﻭﻻ ﻣﺘﻔﺤﺸًﺎ، ﻭﻻ
ﺻﺨﺎﺑًﺎ )ﻻ ﻳﺤﺪﺙ ﺿﺠﻴﺠًﺎ( ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ.
ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ:
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻟﻪ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻣﻨﻬﺎ:
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ: ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺘﺄﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ -
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ- ﻭﻳﺴﺘﺤﻴﻲ ﻣﻨﻪ؛ ﻓﻴﺸﻜﺮ ﻧﻌﻤﺔ
ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻓﻀﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ،
ﻭﻳﻤﺘﻠﺊ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺎﻟﺨﻮﻑ ﻭﺍﻟﻤﻬﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ،
ﻭﺗﻤﺘﻠﺊ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﻮﻗﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﻟﻠﻪ، ﻭﻻ
ﻳﺠﺎﻫﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺼﻴﺔ، ﻭﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ
ﻭﺍﻟﺮﺫﺍﺋﻞ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻣُﻄَّﻠِﻊٌ ﻋﻠﻴﻪ
ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻭﻳﺮﺍﻩ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ- ﻋﻦ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﺩﻭﻥ ﺣﻴﺎﺀ ﻣﻨﻪ
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ} :ﻳﺴﺘﺨﻔﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻻ
ﻳﺴﺘﺨﻔﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ] {ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ.[108 :
ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻦ ﺭﺑــﻪ ﺇﺫﺍ
ﻓﻌـﻞ ﺫﻧﺒًﺎ ﺃﻭ ﻣﻌﺼﻴﺔ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺨﺠﻞ ﻣﻦ
ﺍﻟﻠﻪ ﺧﺠﻼ ﺷﺪﻳﺪًﺍ، ﻭﻳﻌﻮﺩ ﺳﺮﻳﻌًﺎ ﺇﻟﻰ ﺭﺑﻪ
ﻃﺎﻟﺒًﺎ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻭﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ. ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺍﺳﺘﺤﻴﻮﺍ
ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ،( ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ
ﺍﻟﻠﻪ، ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺘﺤﻲ ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ) :ﻟﻴﺲ
ﺫﺍﻙ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻻﺳﺘﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻖ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ: ﺃﻥ ﺗﺤﻔﻆ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻭﻣﺎ ﻭَﻋَﻰ،
ﻭﺍﻟﺒﻄﻦ ﻭﻣﺎ ﺣَﻮَﻯ، ﻭﻟْﺘﺬْﻛﺮ ﺍﻟﻤﻮﺕ
ﻭﺍﻟْﺒِﻠَﻰ، ﻭﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺗﺮﻙ ﺯﻳﻨﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﻤﻦ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﺤﻴﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ] (ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺃﺣﻤﺪ.[
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ: ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻴﻠﺘﺰﻡ ﺑﺴﻨﺘﻪ،
ﻭﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ
ﺳﻤﺤﺔ، ﻭﻳﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﺎ.
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ: ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻦ
ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﻼ ﻳُﻘَﺼِّﺮ ﻓﻲ ﺣﻖ ﻭﺟﺐ ﻟﻬﻢ
ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﻣﻌﺮﻭﻓًﺎ ﺻﻨﻌﻮﻩ ﻣﻌﻪ، ﻭﻻ
ﻳﺨﺎﻃﺒﻬﻢ ﺑﺴﻮﺀ، ﻭﻻ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻮﺭﺗﻪ
ﺃﻣﺎﻣﻬﻢ، ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺭﺟﻞ ﻟﻠﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻋﻮﺭﺍﺗﻨﺎ ﻣﺎ
ﻧﺄﺗﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﻧَﺬَﺭُ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺍﺣﻔﻆ ﻋﻮﺭﺗﻚَ ﺇﻻ ﻣﻦ
ﺯﻭﺟﺘﻚَ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻣﻠﻜﺖ ﻳﻤﻴﻨﻚَ.( ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﻲ
ﺑﻌﺾ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﺇﻥ ﺍﺳﺘﻄﻌﺖَ ﺃﻻ ﻳَﺮَﻳَﻨَّﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﻓﻼ ﻳﺮﻳﻨَّﻬﺎ،(
ﻗﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪﻧﺎ ﺧﺎﻟﻴﺎ
)ﻟﻴﺲ ﻣﻌﻪ ﺃﺣﺪ؟( ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻓﺎﻟﻠﻪ ﺃﺣﻖ ﺃﻥ ﻳُﺴْﺘَﺤﻴﺎ ﻣﻨﻪ
ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ] (ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ.[
ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻐﺾ ﺑﺼﺮﻩ ﻋﻦ
ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ، ﻭﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﻨﻈﺮ ﻣﺆﺫٍ، ﻣﻤﺎ
ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻏﺾ ﺍﻟﺒﺼﺮ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﺃﻥ
ﺗﻠﺘﺰﻡ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﻼﺑﺴﻬﺎ
ﺑﺎﻟﺤﺠﺎﺏ، ﻓﻼ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺟﺴﺪﻫﺎ ﻣﺎ ﺣﺮَّﻡ
ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻫﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻋﻨﻮﺍﻧًﺎ ﻟﻬﺎ
ﻭﺳﻠﻮﻛًﺎ ﻳﺪﻝُّ ﻋﻠﻰ ﻃﻬﺮﻫﺎ ﻭﻋﻔﺘﻬﺎ،
ﻭﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺗﻘﻮﻝ:
ﺯِﻳﻨَﺘِﻲ ﺩَﻭْﻣــًﺎ ﺣـﻴـــﺎﺋـﻲ ﻭﺍﺣْـﺘِﺸَـﺎﻣِـﻲ
ﺭَﺃﺱُ ﻣـَـﺎﻟِﻲ
ﻭﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻜﻼﻡ
ﺍﻟﻔﺎﺣﺶ، ﻭﻻ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﺒﺬﻳﺌﺔ، ﻭﻻ
ﺍﻟﻐﻠﻈﺔ ﻭﻻ ﺍﻟﺠﻔﺎﺀ، ﺇﺫ ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ
ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ) :ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻓﻲ
ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺍﻟﺒﺬﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻔﺎﺀ، ﻭﺍﻟﺠﻔﺎﺀ ﻓﻲ
ﺍﻟﻨﺎﺭ] (ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺍﻟﺤﺎﻛﻢ.[
ﻓﻀﻞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ:
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻟﻪ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ -
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ،- ﻓﻬﻮ ﻳﺪﻋﻮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻞ
ﺍﻟﺨﻴﺮ، ﻭﻳﺼﺮﻓﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮ، ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻛﻠﻪ ﺧﻴﺮًﺍ ﻭﺑﺮﻛﺔ ﻭﻧﻔﻌًﺎ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ
ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻻ ﻳﺄﺗﻲ ﺇﻻ ﺑﺨﻴﺮ] (ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ،[
ﻭﻗﺎﻝ) :ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻛﻠﻪ ﺧﻴﺮ] (ﻣﺴﻠﻢ.[
ﻓﻠﻴﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﺧﻠﻘًﺎ ﻻﺯﻣًﺎ ﻟﻪ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ، ﺣﺘﻰ ﻳﻔﻮﺯ ﺑﺮﺿﺎ ﺭﺑﻪ -
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ- ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ:
ﺣـﻴﺎﺅﻙ ﻓـﺎﺣﻔـﻈـــﻪ ﻋَﻠَﻴْﻚ ﻭﺇﻧﻤـﺎ
ﻳَﺪُﻝُّ ﻋﻠﻰ ﻓِﻌْﻞِ ﺍﻟﻜـﺮﻳــﻢِ ﺣﻴــﺎﺅُﻩُ
ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮ:
ﺇﺫﺍ ﻟـﻢ ﺗَﺨْــﺶَ ﻋﺎﻗﺒـﺔ ﺍﻟﻠَّـﻴـﺎﻟﻲ
ﻭﻟـﻢ ﺗَﺴْﺘَﺤْﻲ ﻓـﺎﺻﻨـﻊْ ﻣـﺎ ﺗـﺸــﺎﺀُ
ﻓـﻼ ﻭﺍﻟﻠـﻪ ﻣـﺎ ﻓـﻲ ﺍﻟْﻌَﻴْﺶِ ﺧﻴــﺮٌ
ﻭﻻ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﺫﺍ ﺫﻫـــﺐ ﺍﻟﺤﻴـــــﺎﺀُ
ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﺐ
ﻭﺍﻟﺨﻄﺄ. ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ. ﻗﺎﻝ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻀﻊ ﻭﺳﺘﻮﻥ ﺷﻌﺒﺔ، ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺀ
ﺷﻌﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ] (ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[ ﺑﻞ ﺇﻥ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻗﺮﻧﺎﺀ ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺀ ﻻ
ﻳﻔﺘﺮﻗﺎﻥ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻗُﺮَﻧَﺎﺀ ﺟﻤﻴﻌًﺎ، ﻓﺈﺫﺍ ﺭُﻓِﻊَ
ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺭُﻓِﻊَ ﺍﻵﺧﺮ] .(ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ.[
ﻭﺧﻠﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻻ ﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ، ﺃﻭ ﻳﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﺃﻭ ﻳﺄﻣﺮ
ﺑﻤﻌﺮﻭﻑ، ﺃﻭ ﻳﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﻣﻨﻜﺮ. ﻓﻬﺬﻩ
ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻊ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻴﺎﺀ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﺩﺏ ﻭﺣﻜﻤﺔ،
ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻦ
ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻋﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ
ﻳﺴﺄﻟﻮﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻋﻦ ﺃﺩﻕ ﺍﻷﻣﻮﺭ، ﻓﻴﺠﻴﺒﻬﻢ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻨﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺧﺠﻞ ﺃﻭ ﺣﻴﺎﺀ.
ﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ:-
ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﺣَﻴِﻲ ﺳِﺘِّﻴﺮٌ،
ﻳﺤﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴﺘﺮ. ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺣَﻴﻲ ﺳﺘﻴﺮ، ﻳﺤﺐ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴﺘﺮ] (ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ.[
ﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺷﺪ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﻴﺎﺀً، ﻭﻛﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻛﺮﻩ ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﺮﻓﻪ
ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻪ. ﻭﻛﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﺑﻠﻐﻪ ﻋﻦ
ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﺎ ﻳﻜﺮﻫﻪ ﻟﻢ ﻳﻮﺟﻪ ﻟﻪ
ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ: ﻣﺎ ﺑﺎﻝ ﻓﻼﻥ ﻓﻌﻞ ﻛﺬﺍ
ﻭﻛﺬﺍ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﻣﺎ ﺑﺎﻝ ﺃﻗﻮﺍﻡ
ﻳﺼﻨﻌﻮﻥ ﻛﺬﺍ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﺳﻢ ﺃﺣﺪ
ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻔﻀﺤﻪ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺎﺣﺸًﺎ ﻭﻻ ﻣﺘﻔﺤﺸًﺎ، ﻭﻻ
ﺻﺨﺎﺑًﺎ )ﻻ ﻳﺤﺪﺙ ﺿﺠﻴﺠًﺎ( ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ.
ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ:
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻟﻪ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻣﻨﻬﺎ:
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ: ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺘﺄﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ -
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ- ﻭﻳﺴﺘﺤﻴﻲ ﻣﻨﻪ؛ ﻓﻴﺸﻜﺮ ﻧﻌﻤﺔ
ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻓﻀﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ،
ﻭﻳﻤﺘﻠﺊ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺎﻟﺨﻮﻑ ﻭﺍﻟﻤﻬﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ،
ﻭﺗﻤﺘﻠﺊ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﻮﻗﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﻟﻠﻪ، ﻭﻻ
ﻳﺠﺎﻫﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺼﻴﺔ، ﻭﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ
ﻭﺍﻟﺮﺫﺍﺋﻞ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻣُﻄَّﻠِﻊٌ ﻋﻠﻴﻪ
ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻭﻳﺮﺍﻩ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ- ﻋﻦ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﺩﻭﻥ ﺣﻴﺎﺀ ﻣﻨﻪ
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ} :ﻳﺴﺘﺨﻔﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻻ
ﻳﺴﺘﺨﻔﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ] {ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ.[108 :
ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻦ ﺭﺑــﻪ ﺇﺫﺍ
ﻓﻌـﻞ ﺫﻧﺒًﺎ ﺃﻭ ﻣﻌﺼﻴﺔ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺨﺠﻞ ﻣﻦ
ﺍﻟﻠﻪ ﺧﺠﻼ ﺷﺪﻳﺪًﺍ، ﻭﻳﻌﻮﺩ ﺳﺮﻳﻌًﺎ ﺇﻟﻰ ﺭﺑﻪ
ﻃﺎﻟﺒًﺎ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻭﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ. ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺍﺳﺘﺤﻴﻮﺍ
ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ،( ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ
ﺍﻟﻠﻪ، ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺘﺤﻲ ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ) :ﻟﻴﺲ
ﺫﺍﻙ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻻﺳﺘﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻖ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ: ﺃﻥ ﺗﺤﻔﻆ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻭﻣﺎ ﻭَﻋَﻰ،
ﻭﺍﻟﺒﻄﻦ ﻭﻣﺎ ﺣَﻮَﻯ، ﻭﻟْﺘﺬْﻛﺮ ﺍﻟﻤﻮﺕ
ﻭﺍﻟْﺒِﻠَﻰ، ﻭﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺗﺮﻙ ﺯﻳﻨﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﻤﻦ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﺤﻴﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ] (ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺃﺣﻤﺪ.[
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ: ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻴﻠﺘﺰﻡ ﺑﺴﻨﺘﻪ،
ﻭﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ
ﺳﻤﺤﺔ، ﻭﻳﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﺎ.
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ: ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻦ
ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﻼ ﻳُﻘَﺼِّﺮ ﻓﻲ ﺣﻖ ﻭﺟﺐ ﻟﻬﻢ
ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﻣﻌﺮﻭﻓًﺎ ﺻﻨﻌﻮﻩ ﻣﻌﻪ، ﻭﻻ
ﻳﺨﺎﻃﺒﻬﻢ ﺑﺴﻮﺀ، ﻭﻻ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻮﺭﺗﻪ
ﺃﻣﺎﻣﻬﻢ، ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺭﺟﻞ ﻟﻠﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻋﻮﺭﺍﺗﻨﺎ ﻣﺎ
ﻧﺄﺗﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﻧَﺬَﺭُ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺍﺣﻔﻆ ﻋﻮﺭﺗﻚَ ﺇﻻ ﻣﻦ
ﺯﻭﺟﺘﻚَ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻣﻠﻜﺖ ﻳﻤﻴﻨﻚَ.( ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﻲ
ﺑﻌﺾ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﺇﻥ ﺍﺳﺘﻄﻌﺖَ ﺃﻻ ﻳَﺮَﻳَﻨَّﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﻓﻼ ﻳﺮﻳﻨَّﻬﺎ،(
ﻗﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪﻧﺎ ﺧﺎﻟﻴﺎ
)ﻟﻴﺲ ﻣﻌﻪ ﺃﺣﺪ؟( ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻓﺎﻟﻠﻪ ﺃﺣﻖ ﺃﻥ ﻳُﺴْﺘَﺤﻴﺎ ﻣﻨﻪ
ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ] (ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ.[
ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻐﺾ ﺑﺼﺮﻩ ﻋﻦ
ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ، ﻭﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﻨﻈﺮ ﻣﺆﺫٍ، ﻣﻤﺎ
ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻏﺾ ﺍﻟﺒﺼﺮ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﺃﻥ
ﺗﻠﺘﺰﻡ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﻼﺑﺴﻬﺎ
ﺑﺎﻟﺤﺠﺎﺏ، ﻓﻼ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺟﺴﺪﻫﺎ ﻣﺎ ﺣﺮَّﻡ
ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻫﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻋﻨﻮﺍﻧًﺎ ﻟﻬﺎ
ﻭﺳﻠﻮﻛًﺎ ﻳﺪﻝُّ ﻋﻠﻰ ﻃﻬﺮﻫﺎ ﻭﻋﻔﺘﻬﺎ،
ﻭﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺗﻘﻮﻝ:
ﺯِﻳﻨَﺘِﻲ ﺩَﻭْﻣــًﺎ ﺣـﻴـــﺎﺋـﻲ ﻭﺍﺣْـﺘِﺸَـﺎﻣِـﻲ
ﺭَﺃﺱُ ﻣـَـﺎﻟِﻲ
ﻭﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻜﻼﻡ
ﺍﻟﻔﺎﺣﺶ، ﻭﻻ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﺒﺬﻳﺌﺔ، ﻭﻻ
ﺍﻟﻐﻠﻈﺔ ﻭﻻ ﺍﻟﺠﻔﺎﺀ، ﺇﺫ ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ
ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ) :ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻓﻲ
ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺍﻟﺒﺬﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻔﺎﺀ، ﻭﺍﻟﺠﻔﺎﺀ ﻓﻲ
ﺍﻟﻨﺎﺭ] (ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺍﻟﺤﺎﻛﻢ.[
ﻓﻀﻞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ:
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻟﻪ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ -
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ،- ﻓﻬﻮ ﻳﺪﻋﻮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻞ
ﺍﻟﺨﻴﺮ، ﻭﻳﺼﺮﻓﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮ، ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻛﻠﻪ ﺧﻴﺮًﺍ ﻭﺑﺮﻛﺔ ﻭﻧﻔﻌًﺎ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ
ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻻ ﻳﺄﺗﻲ ﺇﻻ ﺑﺨﻴﺮ] (ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ،[
ﻭﻗﺎﻝ) :ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻛﻠﻪ ﺧﻴﺮ] (ﻣﺴﻠﻢ.[
ﻓﻠﻴﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﺧﻠﻘًﺎ ﻻﺯﻣًﺎ ﻟﻪ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ، ﺣﺘﻰ ﻳﻔﻮﺯ ﺑﺮﺿﺎ ﺭﺑﻪ -
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ- ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ:
ﺣـﻴﺎﺅﻙ ﻓـﺎﺣﻔـﻈـــﻪ ﻋَﻠَﻴْﻚ ﻭﺇﻧﻤـﺎ
ﻳَﺪُﻝُّ ﻋﻠﻰ ﻓِﻌْﻞِ ﺍﻟﻜـﺮﻳــﻢِ ﺣﻴــﺎﺅُﻩُ
ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮ:
ﺇﺫﺍ ﻟـﻢ ﺗَﺨْــﺶَ ﻋﺎﻗﺒـﺔ ﺍﻟﻠَّـﻴـﺎﻟﻲ
ﻭﻟـﻢ ﺗَﺴْﺘَﺤْﻲ ﻓـﺎﺻﻨـﻊْ ﻣـﺎ ﺗـﺸــﺎﺀُ
ﻓـﻼ ﻭﺍﻟﻠـﻪ ﻣـﺎ ﻓـﻲ ﺍﻟْﻌَﻴْﺶِ ﺧﻴــﺮٌ
ﻭﻻ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﺫﺍ ﺫﻫـــﺐ ﺍﻟﺤﻴـــــﺎﺀُ
ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﺴﻠﻢ