ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ
ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ
ﺩﺧﻞ ﺭﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻮﺟﺪﻩ ﻳﻘَﺒِّﻞُ ﺣﻔﻴﺪﻩ
ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ،-
ﻓﺘﻌﺠﺐ ﺍﻟﺮﺟﻞ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﺇﻥ ﻟﻲ ﻋﺸﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﺑﻨﺎﺀ ﻣﺎ ﻗﺒَّﻠﺖُ ﺃﺣﺪًﺍ
ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺑﺪًﺍ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻣﻦ ﻻ ﻳﺮْﺣﻢ ﻻ ﻳﺮْﺣﻢ(
]ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
*ﻳﺤﻜﻲ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻗﺼﺔ ﺭﺟﻞ ﻏﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ؛ ﻷﻧﻪ ﺳﻘﻰ ﻛﻠﺒًﺎ
ﻋﻄﺸﺎﻥ، ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺭﺟﻞ ﻳﻤﺸﻲ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺍﺷﺘﺪ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﻌﻄﺶ ﻓﻮﺟﺪ ﺑﺌﺮًﺍ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﺸﺮﺏ، ﺛﻢ
ﺧﺮﺝ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﻠﺐ ﻳﻠﻬﺚ، ﻳﺄﻛﻞ ﺍﻟﺜﺮﻯ ﻣﻦ
ﺍﻟﻌﻄﺶ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻘﺪ ﺑﻠﻎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻠﺐ
ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻄﺶ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺑﻠﻎ ﺑﻲ، ﻓﻨﺰﻝ
ﺍﻟﺒﺌﺮ ﻓﻤﻸ ﺧُﻔَّﻪُ )ﺣﺬﺍﺀﻩ( ﺑﺎﻟﻤﺎﺀ، ﺛﻢ
ﺃﻣﺴﻜﻪ ﺑﻔﻴﻪ )ﺑﻔﻤﻪ،( ﻓﺴﻘﻰ ﺍﻟﻜﻠﺐ،
ﻓﺸَﻜَﺮَ ﺍﻟﻠﻪُ ﻟﻪ، ﻓَﻐَﻔَﺮ ﻟﻪ.(
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺇﻥ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻷﺟﺮًﺍ؟
ﻗﺎﻝ) :ﻓﻲ ﻛﻞ ﺫﺍﺕ ﻛﺒﺪ ﺭﻃﺒﺔ ﺃﺟﺮ )ﻳﻘﺼﺪ
ﺃﻥ ﻓﻲ ﺳﻘﻲ ﻛﻞ ﻛﺎﺋﻦ ﺣﻲ ﺛﻮﺍﺑًﺎ(
]ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ.[
*ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ؟
ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺮﻗﺔ ﻭﺍﻟﻌﻄﻒ ﻭﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ.
ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺭﺣﻴﻢ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻳﻐﻴﺚ ﺍﻟﻤﻠﻬﻮﻑ،
ﻭﻳﺼﻨﻊ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ، ﻭﻳﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺟﻴﻦ،
ﻭﻳﻌﻄﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺤﺮﻭﻣﻴﻦ،
ﻭﻳﻤﺴﺢ ﺩﻣﻮﻉ ﺍﻟﻴﺘﺎﻣﻰ؛ ﻓﻴﺤﺴﻦ ﺇﻟﻴﻬﻢ،
ﻭﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ.
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ:
ﺍﺭﺣﻢ ﺑُﻨَﻲ ﺟﻤـﻴــﻊ ﺍﻟﺨـﻠـﻖ ﻛُﻠَّـﻬُـﻢُ
ﻭﺍﻧْﻈُﺮْ ﺇﻟﻴﻬــﻢ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﻠُّﻄْﻒِ ﻭﺍﻟﺸَّﻔَﻘَﺔْ
ﻭَﻗِّــﺮْ ﻛﺒﻴـﺮَﻫﻢ ﻭﺍﺭﺣﻢ ﺻﻐﻴـﺮﻫــﻢ
ﺛﻢ ﺍﺭْﻉَ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺧَﻠْﻖ ﺣﻖَّ ﻣَﻦْ ﺧَﻠَـﻘَـﻪْ
ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ:
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻛﺘﺐ ﺭﺑﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ
ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ] {ﺍﻷﻧﻌﺎﻡ.[54 : ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻓﺎﻟﻠﻪ ﺧﻴﺮ ﺣﺎﻓﻆ ﻭﻫﻮ ﺃﺭﺣﻢ
ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ] {ﻳﻮﺳﻒ.[64 :
ﻭﻧﺤﻦ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻧﺮﺩﺩ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ) :ﺑﺴﻢ
ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ.( ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻟﻤﺎ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺨﻠﻖ
ﻛﺘﺐ ﻋﻨﺪﻩ ﻓﻮﻕ ﻋﺮﺷﻪ: ﺇﻥ ﺭﺣﻤﺘﻲ
ﺳﺒﻘﺖ ﻏﻀﺒﻲ] (ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﻓﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ -ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ- ﻭﺍﺳﻌﺔ، ﻭﻻ ﻳﻌﻠﻢ
ﻣﺪﺍﻫﺎ ﺇﻻ ﻫﻮ، ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ} :ﻭﺭﺣﻤﺘﻲ
ﻭﺳﻌﺖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻓﺴﺄﻛﺘﺒﻬﺎ ﻟﻠﺬﻳﻦ
ﻳﺘﻘﻮﻥ] {ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ.[156 : ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ
ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻣﺎﺋﺔ ﺟﺰﺀٍ، ﻓﺄﻣﺴﻚ ﺗﺴﻌﺔ
ﻭﺗﺴﻌﻴﻦ، ﻭﺃﻧﺰﻝ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺟﺰﺀًﺍ ﻭﺍﺣﺪًﺍ،
ﻓﻤﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺗﺘﺮﺍﺣﻢ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ؛ ﺣﺘﻰ
ﺗﺮﻓﻊ ﺍﻟﺪﺍﺑﺔ ﺣﺎﻓﺮﻫﺎ ﻋﻦ ﻭﻟﺪﻫﺎ ﺧﺸﻴﺔ ﺃﻥ
ﺗﺼﻴﺒﻪ] (ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻔﻪ ﺍﻟﻠﻪ
ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﺬﻟﻚ، ﻓﻘﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
}ﻟﻘﺪ ﺟﺎﺀﻛﻢ ﺭﺳﻮﻝ ﻣﻦ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻋﺰﻳﺰ
ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻋﻨﺘﻢ ﺣﺮﻳﺺ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ
ﺭﺀﻭﻑ ﺭﺣﻴﻢ] {ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ.[128 : ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ} :ﻭﻣﺎ
ﺃﺭﺳﻠﻨﺎﻙ ﺇﻻ ﺭﺣﻤﺔ ﻟﻠﻌﺎﻣﻠﻴﻦ] {ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ:
.[107
ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻓﺒﻤﺎ ﺭﺣﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻨﺖ
ﻟﻬﻢ ﻭﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻓﻈًﺎ ﻏﻠﻴﻆ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻻﻧﻔﻀﻮﺍ
ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻚ] {ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ.[159 :
*ﻭﺗﺤﻜﻲ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻨﻬﺎ- ﻋﻦ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﺘﻘﻮﻝ: ﻣﺎ ﺿﺮﺏ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻴﺪﻩ ﺧﺎﺩﻣًﺎ ﻟﻪ ﻗﻂ
ﻭﻻ ﺍﻣﺮﺃﺓ] (ﺃﺣﻤﺪ.[
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘَﺒِّﻞُ
ﺍﺑﻨﻪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻨﺪ ﻭﻓﺎﺗﻪ ﻭﻋﻴﻨﺎﻩ ﺗﺬﺭﻓﺎﻥ
ﺑﺎﻟﺪﻣﻮﻉ؛ ﻓﻴﺘﻌﺠﺐ ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ
ﻭﻳﻘﻮﻝ: ﻭﺃﻧﺖ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ؟!
ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﻳﺎﺑﻦ ﻋﻮﻑ، ﺇﻧﻬﺎ ﺭﺣﻤﺔ، ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﺗﺪﻣﻊ،
ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ﻳﺤﺰﻥ، ﻭﻻ ﻧﻘﻮﻝ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻳﺮﺿﻲ
ﺭﺑﻨﺎ، ﻭﺇﻧﺎ ﺑﻔﺮﺍﻗﻚ ﻳﺎ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻟﻤﺤﺰﻭﻧﻮﻥ(
]ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ.[
ﻭﻛﺎﻥ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ
ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻫﻮ ﻳﻨﻮﻱ ﺇﻃﺎﻟﺘﻬﺎ، ﻓﺈﺫﺍ ﺳﻤﻊ
ﻃﻔﻼً ﻳﺒﻜﻲ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺨﻔﻔﻬﺎ ﺇﺷﻔﺎﻗًﺎ
ﻭﺭﺣﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻭﺃﻣﻪ. ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺇﻧﻲ ﻷﺩﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ،
ﻓﺄﺭﻳﺪ ﺇﻃﺎﻟﺘﻬﺎ، ﻓﺄﺳﻤﻊ ﺑﻜﺎﺀ ﺍﻟﺼﺒﻲ؛
ﻓﺄﺗﺠﻮَّﺯ ﻟﻤﺎ ﺃﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﻭَﺟْﺪِ )ﺣﺰﻥ(
ﺃﻣﻪ ﻣﻦ ﺑﻜﺎﺋﻪ] (ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮ:
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)ﺍﺭﺣﻢ ﻣﻦ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ، ﻳﺮﺣَﻤْﻚ ﻣﻦ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ] (ﺍﻟﻄﺒﺮﺍﻧﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﻛﻢ،[ ﻭﻗﺎﻝ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ
ﻓﻲ ﺗﻮﺍﺩﻫﻢ ﻭﺗﺮﺍﺣﻤﻬﻢ ﻭﺗﻌﺎﻃﻔﻬﻢ؛ ﻣﺜﻞ
ﺍﻟﺠﺴﺪ؛ ﺇﺫﺍ ﺍﺷﺘﻜﻰ ﻣﻨﻪ ﻋﻀﻮ، ﺗﺪﺍﻋﻰ ﻟﻪ
ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺑﺎﻟﺴﻬﺮ ﻭﺍﻟﺤﻤﻰ] (ﻣﺴﻠﻢ.[
ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺭﺣﻴﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﻣﻮﺭﻩ؛ ﻳﻌﺎﻭﻥ
ﺃﺧﺎﻩ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺠﺰ ﻋﻨﻪ؛ ﻓﻴﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪ ﺍﻷﻋﻤﻰ
ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﻟﻴﺠﻨِّﺒﻪ ﺍﻟﺨﻄﺮ، ﻭﻳﺮﺣﻢ
ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ؛ ﺑﺄﻥ ﻳﺤﺴﻦ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻳﻌﺎﻣﻠﻪ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ
ﻛﺮﻳﻤﺔ، ﻭﻳﺮﺣﻢ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ، ﺑﻄﺎﻋﺘﻬﻤﺎ
ﻭﺑﺮﻫﻤﺎ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﻭﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ
ﻋﻨﻬﻤﺎ.
ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺮﺣﻢ ﻧﻔﺴﻪ، ﺑﺄﻥ ﻳﺤﻤﻴﻬﺎ ﻣﻤﺎ
ﻳﻀﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ؛ ﻓﻴﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ
ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ، ﻭﻳﺘﻘﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺎﺕ،
ﻭﻻ ﻳﻘﺴﻮ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺘﺤﻤﻴﻠﻬﺎ ﻣﺎ ﻻ
ﺗﻄﻴﻖ، ﻭﻳﺠﺘﻨﺐ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻀﺮ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻣﻦ
ﺃﻣﺮﺍﺽ، ﻓﻼ ﻳﺆﺫﻱ ﺟﺴﺪﻩ ﺑﺎﻟﺘﺪﺧﻴﻦ ﺃﻭ
ﺍﻟﻤﺨﺪﺭﺍﺕ... ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ. ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻢ
ﻳﺮﺣﻢ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ، ﻓﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺗﺸﻤﻞ
ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ
ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ.
ﺍﻟﻐﻠﻈﺔ ﻭﺍﻟﻘﺴﻮﺓ:
ﺣﺬَّﺭ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ
ﺍﻟﻐﻠﻈﺔ ﻭﺍﻟﻘﺴﻮﺓ، ﻭﻋﺪَّ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺮﺣﻢ
ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺷﻘﻴﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ) :ﻻ ﺗُﻨْﺰَﻉُ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔُ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺷَﻘِﻲ(
]ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ[ ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ) :ﻻ ﻳﺮﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪُ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺮﺣﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ(
]ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﻭﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ
ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻗﺴﻮﺗﻬﺎ
ﻭﻏﻠﻈﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﻗﻄﺔ، ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﻫﺮﺓ
)ﻗﻄﺔ( ﺭﺑﻄﺘﻬﺎ، ﻓﻠﻢ ﺗﻄﻌﻤﻬﺎ، ﻭﻟﻢ ﺗﺪﻋْﻬﺎ
ﺗﺄﻛﻞ ﻣﻦ ﺧﺸﺎﺵ ﺍﻷﺭﺽ )ﺩﻭﺍﺑﻬﺎ
ﻛﺎﻟﻔﺌﺮﺍﻥ ﻭﺍﻟﺤﺸﺮﺍﺕ] ((ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻗﺪ ﺍﻧْﺘُﺰِﻋَﺖ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻣﻦ
ﻗﻠﺒﻬﺎ، ﻓﺼﺎﺭﺕ ﺷﻘﻴﺔ ﺑﺘﻌﺬﻳﺒﻬﺎ ﻟﻠﻘﻄﺔ
ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺣﻮﻝ ﻟﻬﺎ ﻭﻻ ﻗﻮﺓ.
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻬﻮ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ
ﺍﻟﻘﺴﻮﺓ، ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺃﺧﻼﻗﻪ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ
ﺍﻟﺠﻮﻋﻰ ﻭﻻ ﻳﻄﻌﻤﻬﻢ ﻣﻊ ﻗﺪﺭﺗﻪ، ﺃﻭ ﻳﺮﻯ
ﺍﻟﻤﻠﻬﻮﻑ ﻭﻻ ﻳﻐﻴﺜﻪ ﻭﻫﻮ ﻗﺎﺩﺭ، ﺃﻭ ﻳﺮﻯ
ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ ﻭﻻ ﻳﻌﻄﻒ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻻ ﻳﺪﺧﻞ
ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﻦ
ﻳﺘﺼﻒ ﺑﺬﻟﻚ ﺷﻘﻲ ﻭﻣﺤﺮﻭﻡ.
ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﺴﻠﻢ