ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ
ﺩﺧﻠﺖ ﺗﻘﻨﻴﺔ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺍﻟﻤﺘﻔﻮﻗﺔ، ﺑﻮﺳﺎﺋﻠﻬﺎ
ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺻﻠﺐ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ،
ﻟﺘﺸﺎﺭﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻖ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ
ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼﻌﺐ
ﺃﻭ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻨﻬﺎ، ﺃﻭ ﺇﻗﺼﺎﺋﻬﺎ، ﺃﻭ
ﺣﺘﻰ ﺇﻫﻤﺎﻟﻬﺎ.
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ، ﻭﺣﺠﻢ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ
ﺍﻟﻤﺘﻤﻴّﺰﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪّﻣﻬﺎ، ﻓﺈﻥ ﻓﺌﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺼﺮُّ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ ﻭﺳﺎﺋﻞ
ﻟﻠﻤﺘﻌﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﻓﻴﻪ ﻓﺤﺴﺐ ، ﺗﺤﻘﻖ ﻣﻦ
ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﺴﻠﻴﺔ ﻭﺗﻤﻀﻴﺔ ﻟﻠﻮﻗﺖ، ﻭﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺤﺪ ﺗﺒﻘﻰ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ،
ﺇﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﺃﺯﻣﺔ ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﺨﻄﻰ
ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺧﻄﻮﻁ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺤﻤﺮﺍﺀ، ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻭﺳﻴﻠﺔ
ﺍﺳﺘﻤﺘﺎﻉ ﻋﺎﻃﻔﻲ، ﻳﺸﺒﻊ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻧﻬﻤﺘﻪ
ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﺧﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﺤﻮﺍﺟﺰ
ﻭﺍﻟﺒﻮﺍﺑﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﻤﻨﻮﻋﺔ ،
ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺸﺒﻮﻫﺔ ﻭﺍﻟﺴﺎﻗﻄﺔ.
ﻭﻟﻘﺪ ﺳﻤﺤﺖ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ
ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﻣﻦ
ﺧﻼﻝ : ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ، ﻭﺍﻟﺼﻮﺕ، ﻭﺍﻟﺼﻮﺭﺓ،
ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ
ﺃﻟﺰﻣﻨﺎ ﺑﻬﺎ ﺩﻳﻨﻨﺎ، ﻻﺳﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ
ﺍﻟﻤﻤﻨﻮﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﻦ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ
ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﺤﺮﻣﻴﺔ، ﺗﺤﺖ ﻏﻄﺎﺀ ﻣﻮﻫﻢ ﻣﻦ :
ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻑ، ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﻭﻧﺤﻮﻫﺎ،
ﻓﻴﻤﻀﻲ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺻﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﻦ ﻓﻴﻤﺎ
ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ
ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻐﺮﺍﻣﻴﺔ، ﻳﺰﻋﻤﻮﻥ
ﺃﻧﻬﺎ ﺑﺮﻳﺌﺔ ! ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﺗﻌﺪﻭ ﺃﻥ
ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺘﻌﺔ ﻋﺎﻃﻔﻴﺔ ﺇﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ، ﺳﻤﺤﺖ
ﺑﻬﺎ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺗﻘﻨﻴﺔ ﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ.
ﻭﻛﻢ ﺷُﻮﻫﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺃﺷﺨﺎﺹ
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﻮﻳﺎﺀ ، ﺑﻞ ﺭﺑﻤﺎ
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺪﻭﺍﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺘﺮﻣﺔ ،
ﻓﻤﺎ ﻟﺒﺜﻮﺍ ﻃﻮﻳﻼً - ﺑﻌﺪ ﺧﻮﺿﻬﻢ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ
ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﺍﻵﺧﺮ- ﺃﻥ ﻋﺎﺩﻭﺍ
ﻣﺮﺍﻫﻘﻴﻦ ﻣﺘﺸﺒّﺒﻴﻦ ، ﻳﻈﻦّ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺃﻥ
ﻣﺴﺎﻟﻚ ﺍﻟﺰﻟﻞ ﺗﻌﻴﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﺷﺒﺎﺑﻪ ، ﻭﻣﺎ ﻋﺮﻑ
ﺃﻧﻪ ﻣﻔﺘﻮﻥ .
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﻭﺟﻮﺩ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻔﻀﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ
ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺑﻴﻦ
ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﻗﻠَّﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ:
ﺃﻛﺒﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮﺩ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ،
ﺃﻭﺭﺑﻤﺎ ﻣﺘﻮﻫَّﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ.
ﺇﻥ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻻ ﻳﻘﻒ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﻋﻠﻰ
ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﻦ؛ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ
ﺧﻼﻝ ﺍﻻﺧﺘﻼﻁ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻑ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ، ﻓﻬﺬﻩ
ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﻋﻢَّ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻻﺧﺘﻼﻁ
ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﻦ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ
ﺗﺘﺄﺧﺮ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻧﺴﺐ ﻋﻘﻮﺩ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ، ﻭﺗﻜﺜﺮ
ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻟﺠﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻘﻒ
ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮﻳﻦ
ﺍﺛﻨﻴﻦ ، ﺍﻷﻭﻝ: ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ،
ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺗﻴﺴﻴﺮ ﻣﺌﻮﻧﺘﻪ.
ﻟﻘﺪ ﻣﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﺘﺮﺍﺕ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﺗﺤﻘﻖ ﻓﻴﻬﺎ
ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻗﺪ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ 100% ،
ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺃﺯﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﻨﻮﺳﺔ،
ﻭﻻ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﺄﺧﻴﺮ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ، ﺭﻏﻢ ﻗﻴﺎﻡ
ﺍﻟﺤﺠﺎﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ، ﻭﻗﻠَّﺔ ﻓﺮﺹ
ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﻙ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﻦ، ﻭﻗﺪ ﺷﻬﺪ ﺑﺬﻟﻚ
ﺍﻟﻤﻔﻜﺮ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ " ﻻﻳﺘﻨﺮ"، ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺵ
ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻗﺮﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ،
ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎﻡ 1902ﻡ، ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮﻝ:
"ﻭﺗﻜﺎﺩ ﻻ ﺗﺮﻯ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺰﻭﺟﺔ...
ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﺤﻼﺕ
ﻟﻠﻔﺎﺟﺮﺍﺕ، ﻭﻻ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﻳﺒﻴﺢ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ
ﺍﻟﻤﻮﻣﺴﺎﺕ" ، ﻓﻠﻴﺘﺄﻣﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻻﺧﺘﻼﻁ ، ﻭﺍﻟﻤﺸﺠّﻌﻮﻥ
ﻟﻠﺘﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﺒﺮﻱﺀ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﻦ