ﻫﻞ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻣﻨﻬﺞ، ﺃﻡ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻭﺣﺰﺏ
ﻣﻌﻴﻦ؟
ﺃﻛﺜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﻴﻦ ﻓﻲ ﺇﺷﻌﺎﻝ ﺍﻟﺤﺮﺍﺋﻖ
ﺿﺪ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻻ ﻳﻤﻴﺰﻭﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ؛
ﻷﻥ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺧﺼﻮﻣﺔً ﻋﻤﻴﻘﺔً ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻤﻮﻣﺎً، ﻭﻣﻦ ﺛَﻢَّ ﻓﻼ ﺃﺛﺮ ﻟﻬﺬﺍ
ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﻣﺘَّﺠﻪ ﺑﺸﻜﻞ
ﺃﺳﺎﺳﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ.
ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ: ﻫﻲ ﻣﻨﻬﺞٌ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻴﺮ
ﻋﻠﻰ ﻫﺪﻱ ﺍﻹﺳﻼﻡ: ﻓﺤﻴﻦ ﺗﺘﻔﺎﻭﺕ
ﺍﻷﻓﻬﺎﻡ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ
ﺃﺣﻜﺎﻣﻪ ﻭﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻓﻴﻪ
ﺗﺄﺗﻲ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻣﻌﺘﻤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺞ
ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ: ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ
ﻭﺗﺎﺑﻌﻴﻬﻢ؛ ﻓﻬﻢ ﺧﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ، ﻭﺃﺯﻛﺎﻫﺎ
ﺩﻳﻨﺎً، ﻭﺃﻋﻼﻫﺎ ﻣﻘﺎﻣﺎً، ﻭﺃﻋﻤﻘﻬﺎ ﻓﻬﻤﺎً،
ﻭﺃﻋﻠﻤﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ؛ ﻓﻤﻦ ﺍﺟﺘﻬﺪ ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻙ
ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﻓﻬﻮ ﺳﻠﻔﻲ ﺃﻳّﺎً ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ.
ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻗﻮﺍﻡ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺠﻴﻞ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪ ﻭﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺀ ﺑﻪ،
ﻭﺗﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﻢ
ﻭﺑﻴﺎﻥ ﻓﻀﻠﻬﻢ؛ ﻟﻴﺲ ﺗﻨﺰﻳﻬﺎً ﻟﻬﻢ ﻋﻦ
ﺍﻟﺨﻄﺄ؛ ﺑﻞ ﺍﺳﺘﻬﺪﺍﺀ ﺑﻔﻬﻤﻬﻢ ﻭﺳﻴﺮٌ ﻋﻠﻰ
ﺧﻄﺎﻫﻢ.
ﺗﺴﻴﺮ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺎ ﻫﺆﻻﺀ
ﺍﻷﺳﻼﻑ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺃﺟﻤﻌﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻋﻠﻰ
ﺍﺗِّﺒﺎﻉ ﻣﻨﻬﺠﻴﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻠﻘﻲ ﻭﻣﺼﺎﺩﺭ
ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﻭﻛﻴﻔﻴﺘﻪ، ﻭﻓﻲ ﻣﺴﺎﻟﻚ ﺍﻟﺘﻌﺒﺪ
ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ؛ ﻓﻬﻢ ﺃَﻭْﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻓﻠﻦ
ﻳﺨﺮﺝ ﺍﻟﺤﻖ ﻋﻦ ﻗﻮﻟﻬﻢ ﺇﻥ ﺃﺟﻤﻌﻮﺍ، ﻭﻻ
ﻋﻦ ﺃﻗﻮﺍﻟﻬﻢ ﺇﻥ ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ.
ﺗﻌﻈِّﻢ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻨﺺ
ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ - ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻭﺳُﻨﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ -
ﻭﺗﺠﻌﻠﻪ ﻫﻮ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﺘﻤﺪﻩ
ﻭﺗﺴﺘﻬﺪﻱ ﺑﻪ، ﻻ ﺗﺮﺩُّ ﺃﻱ ﻧﺺ ﺻﺤﻴﺢ
ﻟﺬﻭﻕ ﺃﻭ ﻫﻮﻯ ﺃﻭ ﻣﻌﻘﻮﻝ، ﻭﻻ ﺗﻀﻊ
ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻋﺮﺍﻗﻴﻞ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﻁ؛ ﺑﻞ
ﺗﻨﻘﺎﺩ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺗﺴﻠِّﻢ ﻟﻪ ﺣﻴﻦ ﻳﺘﺒﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﻣﺮﺍﺩ
ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﺮﺍﺩ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ؛ ﻓﺎﻟﻨﺺ ﻫﺎﺩٍ ﻭﺩﻟﻴﻞٌ ﺗﺘَّﺒﻌﻪ
ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ، ﻭﻟﻴﺲ ﺗﺎﺑﻌﺎً ﻭﻣﻨﻘﺎﺩﺍً ﻳﺴﻴﺮ
ﺧﻠﻒ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺍﺕ
ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻨﻪ.
ﺗﺆﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﺑﺸﻤﻮﻟﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ
ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻼﺕ ﻭﺷﻮﺅﻥ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻛﻠﻬﺎ؛ ﺷﻤﻮﻻً ﻳﻀﻢ ﺍﻟﻔﺮﺩ
ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﻤﺤﻜﻮﻡ ﻭﺍﻟﺤُﻜْﻢ،
ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌﺎﺟﻠﺔ
ﻭﺍﻵﺟﻠﺔ، ﻓﻲ ﺭﺅﻳﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟِـﻤَﺎ ﻳُﺴﻌِﺪ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻪ ﻭﺩﻧﻴﺎﻩ.
ﺗﺸﻬﺮ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﺗﺎﻡ ﺿﺮﻭﺭﺓ
ﺇﺧﻼﺹ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻟﻠﻪ - ﺗﻌﺎﻟﻰ - ﻭﺃﻭﻟﻮﻳﺔ
ﺗﻄﻬﻴﺮ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺮﺍﻓﺎﺕ
ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪﺍﺕ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﻭﺍﻟﺒﺪﻉ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﺔ؛
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ
ﻭﺗﺎﺑﻌﻮﻫﻢ.
ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺴﻠﻔﻴﺔ؛ ﻓﻬﻲ
ﻣﻨﻬﺞ ﻭﺭﺅﻳﺔ؛ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺰﻡ ﺑﻬﺎ ﻭﺩﻋﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ
ﻭﺍﺟﺘﻬﺪ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﻓﻬﻮ ﺳﻠﻔﻲ ﺃﻳّﺎً ﻣﺎ
ﻛﺎﻥ، ﻭﻣﻊ ﺃﻱ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺳﻠﻚ.
ﻭﻣﻦ ﺧﺎﻟﻒ ﺃﺻﻮﻟﻬﺎ ﺧﺮﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ.
ﺇﺫﻥ: ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻣﻨﻬﺠﺎً
ﻻ ﺟﻤﺎﻋﺔ؟
1 - ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺛَﻢَّ ﻧﺎﻃﻖ ﺃﻭ ﻣﻤﺜﻞ ﻟﻠﺴﻠﻔﻴﺔ
ﻳﻌﺒِّﺮ ﻋﻦ ﺭﺃﻳﻬﺎ ﻭﻣﻨﻬﺠﻬﺎ؛ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ
ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻪ ﻓﻬﻮ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﺴﻠﻔﻴﺔ ﻭﻣﻦ
ﻭﺍﻓﻘﻪ ﻓﻬﻮ ﻣﻮﺍﻓﻖ ﻟﻠﺴﻠﻔﻴﺔ، ﻻ ﻳﻮﺟﺪ
ﺷﺨﺺ ﻭﻻ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻭﻻ ﺣﺰﺏ ﻛﺬﻟﻚ؛
ﻓﻬﻲ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﺍﺳﺘﺪﻻﻝ ﺗﺤﺎﻛﻢ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ
ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﻻ ﺗﺤﺎﻛَﻢ ﻫﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺪ،
ﻓﻠﻴﺲ ﺛﻢ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ؛ ﻭﺇﻧﻤﺎ
ﻳﻮﺟﺪ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﻭﺟﻤﺎﻋﺎﺕ ﻳﻨﺘﺴﺒﻮﻥ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻭﻳﺴﻌﻮﻥ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻨﻬﺞ
ﺍﻟﺴﻠﻒ؛ ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺧﺘﺰﺍﻝ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻓﻲ
ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﺤﺪﺩﺓ ﻭﻻ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻣﻌﻴَّﻨﺔ.
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﻟﻚ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﻴﻦ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺘﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻓﻲ
ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ؛ ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻚ ﻟﺘﺠﺪ
ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ
ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ
ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻓﻲ ﺭﺅﻳﺔ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺴﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ؛
ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺮ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺠﺬﺭﻱ
ﻳﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﺤﺪﺩﺓ؛
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻣﻨﻬﺞ ﻭﺭﺅﻳﺔ ﻗﺪ ﻳُﺤﺴِﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ
ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻭﻗﺪ ﻳﺴﻲﺀ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﻓﻴﻘﻊ ﻓﻲ
ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻭﺍﻻﻧﺤﺮﺍﻑ.
2 - ﺃﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻻﻧﺘﺴﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻻ
ﻳﻜﻔﻲ ﻷﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺳﻠﻔﻴﺎً،
ﻭﻛﻮﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻻ ﻳﺘﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻻ
ﻳﺨﺮﺟﻪ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ
ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﺮﺍﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﻨﺘﺴﺒﻴﻦ
ﺇﻟﻴﻬﺎ؛ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺍﻻﻧﺘﺴﺎﺏ
ﺇﻟﻴﻬﺎ؛ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﻨﻬﺞ ﻭﺭﺅﻳﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ
ﺍﻗﺘﻨﺎﻉ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻭﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﻨﻬﺞ
ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﻣﻦ ﺟﺎﺀ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ
ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ.
3 - ﺃﻥ ﻭﻗﻮﻉ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺘﺴﺒﻴﻦ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺧﻄﺎﺀ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ
ﻳُُﻨﺴَﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ؛ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗُﻨﺴَﺐ
ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺮﺭﻫﺎ، ﻭﺣﻴﻨﺌﺬٍ ﻓﺎﻟﻨﻘﺪ
ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺟَّﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ
ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ ﻫﻮ ﻧﻘﺪ ﻣﺄﺯﻭﻡ ﻏﻴﺮ
ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﻳﻘﺼﺪ ﺷﺨﺼﺎً
ﻣﻌﻴَّﻨﺎً ﺃﻭ ﻓﺌﺔ ﻣﺤﺪﺩﺓ، ﻭﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﺨﻄﺎﺏ
ﻋﺎﻡ، ﺛﻢ ﻳﻜﺮﺭ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﺍﻋﺘﺬﺍﺭﻩ ﺃﻧﻪ ﻻ
ﻳﻘﺼﺪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ؛ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻌﻀﻬﻢ.
ﻭﺳﺒﺐ ﺍﻟﺨﻠﻂ ﻧﺸﺄ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﺗﻤﻴﻴﺰﻩ
ﻣﻦ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻣﻨﻬﺠﺎً ﻻ ﺟﻤﺎﻋﺔً.
4 - ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﺍﻟﺨﻼﻓﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ
ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﺳﺪ؛ ﻓﺎﺗﻔﺎﻗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﻜﻠﻲ
ﻭﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻻ ﻳﺆﺩﻱ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺇﻟﻰ
ﺍﺗﻔﺎﻗﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﻭﻉ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ، ﻭﻗﺪ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﻢ
ﻟﻠﻤﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﺳﺪ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺳﺒﺒﺎً
ﻟﻠﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺃﻧﻪ
ﻣﺴﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻷﺻﻮﻝ ﻭﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻜﻠﻲ، ﺑﻞ
ﻫﺬﺍ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺛﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ
ﻭﺗﻨﻮﻋﻪ.
5 - ﺃﻥ ﺍﻷﺧﻄﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺨﺺ
ﻻ ﺗﺨﺮﺟﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺃﻧﻪ ﻣﻠﺘﺰﻡ
ﺑﻬﺎ ﻭﻣﺴﺘﻤﺴﻚ ﺑﺄﺻﻮﻟﻬﺎ ﻭﻣﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ
ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻭﻣﺮﺍﻋﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻻ
ﺃﻥ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺃﺻﻼً ﻛﻠﻴّﺎً ﻣﻦ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺴُّﻨﺔ، ﺃﻭ
ﺗﻜﺜﺮ ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﻭﺗﻄَّﺮﺩ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ
ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﺼﻞ ﻟﺤﺪ
ﺍﻻﻧﺤﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﻜﻠﻲ ]ﺍﻧﻈﺮ:
ﺍﻻﻋﺘﺼﺎﻡ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻃﺒﻲ: .3/140 ،[
ﻣﻊ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺣﻜﻢ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻻ ﺍﻟﻌﻴﻦ؛ ﺇﺫ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ
ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻴﺎﻥ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻮﺍﺑﻂ ﻣﺎ
ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﺘﻮﺭﻉ ﻭﺍﻻﺣﺘﻴﺎﻁ ﻓﻴﻪ.
6 - ﻭﻛﻮﻥ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻣﻨﻬﺠﺎً ﻻ ﺟﻤﺎﻋﺔ
ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺪﺍﻫﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﺴﺒﻴﻦ ﻟﻠﺴﻠﻔﻴﺔ ﻫﻢ
ﻗِﻄَﺎﻉ ﻭﺍﺳﻊ ﺟﺪﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻲ، ﺑﻞ ﻫﻢ ﺍﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﻋﻤﻮﻡ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ؛ ﻓﺎﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ
ﻳﺘﺒﻊ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻭﻳﺴﻴﺮ ﺧﻠﻔﻪ ﺑﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ﻓﻬﻢ
ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ، ﻭﻣﻦ ﺷﺬَّ ﻋﻨﻪ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ؛
ﻓﺎﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻭﺍﻷﺻﻞ ﻭﻟﻴﺲ
ﺍﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺀ؛ ﻓﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺗﻘﺰﻳﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ
ﻣﺤﺪﺩﺓ ﺃﻭ ﺍﺧﺘﺰﺍﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻣﻌﻴَّﻨﺔ ﻫﻮ
ﺟﻬﻞ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻭ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﻣﺎﻛﺮ
ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺤﺮﻓﻴﻦ ﻟﻤﺂﺭﺏ ﻻ ﺗﺨﻔﻰ.
7 - ﻭﻛﻮﻥ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻣﻨﻬﺠﺎً ﻻ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻻ
ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻧﻪ ﻛﻞ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮﺍﺕ
ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻭﻣﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ؛
ﻓﺎﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻣﻨﻬﺞ ﻟﻪ ﺃﺻﻮﻟﻪ ﻭﺛَﻢَّ ﻣﺴﺎﺣﺔ
ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻟﻼﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﻣﺤﻴﻄﻪ، ﻓﺴﻌﺔ
ﻣﻨﻬﺠﻪ ﻭﺛﺮﺍﺀ ﻣﻘﻮﻻﺗﻪ ﻻ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ
ﺍﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﺸﻒ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩﺍﺕ
ﺍﻟﻤﻘﺒﻮﻟﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ
ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻪ.
8 - ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﻤﻮﺟَّﻪ ﻟﻠﺴﻠﻔﻴﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ
ﻳﻔﺮَّﻕ ﻓﻴﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﻤﻮﺟَّﻪ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺎﺕ
ﻭﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺴﺒﻴﻦ ﻟﻠﺴﻠﻔﻴﺔ؛ ﻓﻬﺬﺍ ﻧﻘﺪ
ﻣﻘﺒﻮﻝ ﻭﻣﻌﺘﺒَﺮ ﺷﺮﻳﻄﺔ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﺩﻻً
ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻴﻦ ﻻ
ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻮﻥ ﻫﻢ
ﺃَﻭْﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ
ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﻧﺼﺢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻧﻘﺪﻫﻢ
ﻭﺗﻘﻮﻳﻤﻬﻢ؛ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺑﺪﺭ ﻣﻤﻦ ﻳﺤﻤﻞ
ﻣﻮﺍﻗﻒ ﻋﺪﺍﺋﻴﺔ ﺃﻭ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺧﺎﻃﺌﺔ
ﻓﻴﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﻧﻘﺪﻩ ﻭﻟﻦ ﻳﻀﺮَّﻫﻢ ﻗﺼﺪُﻩ.
ﻫﻞ ﺳﻴﺘﻮﻗﻒ ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ
ﺣﻴﻦ ﺗﺘﻤﻴﺰ )ﻣﻨﻬﺠﺎً( ﻻ )ﺟﻤﺎﻋﺔ؟(
ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻻ.
ﻓﺈﻥ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ ﻋﻠﻰ
)ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ( ﻣﺤﻮﺭﺍً ﻣﺮﻛﺰﻳﺎً
ﻟﻼﻧﻄﻼﻕ، ﻭﺍﺭﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑـ )ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ(
ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺗﻔﺴﻴﺮﻩ، ﻳﺠﻌﻠﻪ
ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﻪ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺗﻬﻔﻮ
ﻭﺗﻨﺠﺬﺏ ﺇﻟﻴﻪ؛ ﻓﺎﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺔ
ﻣﺘﻌﻄﺸﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ
ﻭﺩﻳﻨﻬﺎ ﻭﻗﻴﻤﻬﺎ ﺑﻔﻬﻤﻪ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ؛ ﻓﺄﻛﺜﺮﻳﺔ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻤَّﺎ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﺴﺄﻝ ﻋﻦ
ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠَﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺠﻴﻬﺎ ﻓﻲ
ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﻟﻴﺴﻮﺍ ﻣﻬﻤﻮﻣﻴﻦ ﺑﻤﻨﻬﺠﻴﺔ
)ﺍﻟﺘﻜﻴﻒ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ( ﻭ )ﺗﺒﺮﺋﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ
ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ( ﻭﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ
)ﺑﺼﻼﺣﻴﺔ ﺩﻳﻨﻬﻢ ﻟﻜﻞ ﺯﻣﺎﻥ ﻭﻣﻜﺎﻥ،(
ﻓﺄﻛﺜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ
ﻛﺜﻴﺮﺍً، ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻻ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺑﺼﻴﺮﺓ ﻭﻧﻮﺭ،
ﻭﻫﺬﺍ )ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ( ﻭ )ﺍﻟﻌﻤﻖ( ﻫﻮ ﻣﺎ
ﻳﺠﻌﻞ )ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ( ﻣﺨﻴﻔﺎً ﻭﻣﺮﻋﺒﺎً
ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺤﺮﻓﻴﻦ ﻭﺍﻟﺰﺍﺋﻐﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﻟﻦ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻣﺮﺍﺟﻞ ﺍﻟﺤَﻨَﻖ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ
ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻠﻴﺎﻥ.
ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ ﻳﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺃﺗﺒﺎﻋﻪ
ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﺸﻤﻮﺥ ﻭﺍﻟﻌﺰﺓ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ
ﺭﺳﺎﻟﺔً ﻭﺣﻀﺎﺭﺓً؛ ﻓﺸﺘَّﺎﻥ ﺑﻴﻦ ﻣﻦ )ﻳﻘﺮﺃ
ﺍﻟﻨﺺ ﻟﻴﻌﺮﻑ ﻣﺮﺍﺩَﻩ ﻟﻴﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺪﻳﻪ(
ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ، ﻭﺑﻴﻦ
ﻣﻦ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ )ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺮﺍﺩﻩ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ
ﺍﻟﻨﺺ( ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻌَﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﻴﻘﻴﺔ.
ﻭﺷﺘﺎﻥ ﺑﻴﻦ ﻣﻦ )ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﻫﻮ
ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺛَﻢَّ ﻣﻌﻨﻰ ﺷﺮﻋﻴﺎً ﻣﺤﺪﺩﺍً ﻳﺮﻳﺪﻩ
ﺍﻟﻠﻪ،( ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﺮﻯ )ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ
ﻧﺴﺒﻴﺔ، ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻭﺟﻮﺩ ﻟﻤﻦ ﻳﻤﺘﻠﻚ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ( ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻴﻪ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺚ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮ.
ﻭﺷﺘﺎﻥ ﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﻀﻊ )ﻣﻨﻬﺠﺎً ﻣﺤﺪﺩﺍً
ﻭﺃﺻﻮﻻً ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺺ،(
ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻦ )ﻳﺘﻘﻠﺐ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ
ﺑﺤﺴﺐ ﻛﻞ ﻭﺍﻗﻌﺔ.(
ﻭﺷﺘﺎﻥ ﺑﻴﻦ ﻣﻦ )ﻳﺘﺨﺬ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ
ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﺩﻟﻴﻼً ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ،( ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻦ
)ﻳﺴﻴﺮ ﺧﻠﻒ ﻓﻼﺳﻔﺔ ﻭﺿﻼﻝ ﺍﻟﺸﺮﻕ
ﻭﺍﻟﻐﺮﺏ.(
ﺇﻧﻪ ﻣﻨﻬﺞ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮﺡ ﻭﺍﻻﻃﺮﺍﺩ،
ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺳﻖ ﻭﺍﻟﺘﻤﺎﺳﻚ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ
ﺃﺛﺮﻩ ﻋﻤﻴﻘﺎً ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺴﻜﻴﻦ
ﺑﻪ، ﻭﺩﻭﺭَﻩ ﻓﺎﻋﻼً ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻦ، ﻭﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎً ﺃﻗﺪﺭ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ؛ ﻷﻧﻪ ﻻ
ﻳﺴﻠِّﻢ ﻟﻠﻤﺨﺎﻟﻒ ﺑﺒﺎﻃﻞ ﻳﺘﻮﺻَّﻠﻮﻥ ﻣﻦ
ﺧﻼﻟﻪ ﻟﻠﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ.
ﺇﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺤﺮﻓﻴﻦ ﻳﻮﺟِّﻪ ﺳﻬﺎﻣَﻪ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻓﻴﻨﺘﻘﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻮﺭ ﻫﻲ ﻣﻦ
ﺻﻤﻴﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﻨﺘﻘﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
ﻳﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻧﻔﺴﻪ؛ ﻛﻤﻦ
ﻳﻨﺘﻘﺪﻫﻢ ﻓﻲ ﺃﺻﻞ )ﺍﻟﺤﺠﺎﺏ( ﺃﻭ
)ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ( ﺃﻭ )ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ( ﻓﻬﻮ
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻧﻔﺴﻪ؛
ﻭﺇﻥ ﺯﻋﻢ ﺃﻧﻪ ﻳﻘﺼﺪ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ؛
ﻓﻤﻦ ﺍﻟﺨﻠﻞ ﻭﻧﻘﺺ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻊ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﻫﺬﻩ
ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻣﻮﺟَّﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﺤﺪﺩﺓ؛
ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ ﺍﻟﺸﺨﺺ
ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮ ﻟﻠﻨﻘﺪ ﻭﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪ
ﺣﺘﻰ ﻳﺪﺭﻙ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ، ﻫﻞ ﻫﻮ ﻧﻘﺪ ﻟـ
)ﺟﻤﺎﻋﺔ( ﺃﻡ ﻃﻌﻦ ﻓﻲ )ﻣﻨﻬﺞ ﻭﺭﺳﺎﻟﺔ؟(