ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ
ﺍﻹﺧﻼﺹ
ﻳﺤﻜﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﺭﺟﻞ
ﻋﺎﺑﺪ، ﻓﺠﺎﺀﻩ ﻗﻮﻣﻪ، ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ: ﺇﻥ ﻫﻨﺎﻙ
ﻗﻮﻣًﺎ ﻳﻌﺒﺪﻭﻥ ﺷﺠﺮﺓ، ﻭﻳﺸﺮﻛﻮﻥ ﺑﺎﻟﻠﻪ؛
ﻓﻐﻀﺐ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ ﻏﻀﺒًﺎ ﺷﺪﻳﺪًﺍ، ﻭﺃﺧﺬ ﻓﺄﺳًﺎ؛
ﻟﻴﻘﻄﻊ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، ﻗﺎﺑﻠﻪ
ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺷﻴﺦ ﻛﺒﻴﺮ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ:
ﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ﺃﻧﺖ ﺫﺍﻫﺐ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ: ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺫﻫﺐ ﻷﻗﻄﻊ
ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺒﺪﻫﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ
ﺍﻟﻠﻪ. ﻓﻘﺎﻝ ﺇﺑﻠﻴﺲ: ﻟﻦ ﺃﺗﺮﻛﻚ ﺗﻘﻄﻌﻬﺎ.
ﻭﺗﺸﺎﺟﺮ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ؛ ﻓﻐﻠﺒﻪ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ،
ﻭﺃﻭﻗﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ. ﻓﻘﺎﻝ ﺇﺑﻠﻴﺲ: ﺇﻧﻲ
ﺃﻋﺮﺽ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻣﺮًﺍ ﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﻟﻚ، ﻓﺄﻧﺖ
ﻓﻘﻴﺮ ﻻ ﻣﺎﻝ ﻟﻚ، ﻓﺎﺭﺟﻊ ﻋﻦ ﻗﻄﻊ
ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﻭﺳﻮﻑ ﺃﻋﻄﻴﻚ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ
ﺩﻳﻨﺎﺭﻳﻦ، ﻓﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ.
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻷﻭﻝ، ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ ﺩﻳﻨﺎﺭﻳﻦ،
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺃﺧﺬ ﺩﻳﻨﺎﺭﻳﻦ، ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻲ
ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﺭﻳﻦ؛ ﻓﻐﻀﺐ
ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ، ﻭﺃﺧﺬ ﻓﺄﺳﻪ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﺃﻗﻄﻊ
ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ. ﻓﻘﺎﺑﻠﻪ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ
ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ﺃﻧﺖ
ﺫﺍﻫﺐ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ: ﺳﻮﻑ ﺃﻗﻄﻊ
ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ.
ﻓﻘﺎﻝ ﺇﺑﻠﻴﺲ: ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ، ﻭﺳﺄﻣﻨﻌﻚ ﻣﻦ
ﺫﻟﻚ، ﻓﺘﻘﺎﺗﻼ، ﻓﻐﻠﺐ ﺇﺑﻠﻴﺲُ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪَ، ﻭﺃﻟﻘﻰ
ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ: ﻛﻴﻒ
ﻏﻠﺒﺘَﻨﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ؟! ﻭﻗﺪ ﻏﻠﺒﺘُﻚ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ! ﻓﻘﺎﻝ ﺇﺑﻠﻴﺲ: ﻷﻧﻚ
ﻏﻀﺒﺖَ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻠﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ،-
ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻤﻠﻚ ﺧﺎﻟﺼًﺎ ﻟﻪ؛ ﻓﺄﻣَّﻨﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﻲ،
ﺃﻣَّﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ؛ ﻓﻘﺪ ﻏﻀﺒﺖ ﻟﻨﻔﺴﻚ
ﻟﻀﻴﺎﻉ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﺭﻳﻦ، ﻓﻬﺰﻣﺘُﻚ ﻭﻏﻠﺒﺘُﻚ.
***
ﻫﺎﺟﺮﺕ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﺳﻤﻬﺎ ﺃﻡ ﻗﻴﺲ، ﻓﻬﺎﺟﺮ
ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻟﻴﺘﺰﻭﺟﻬﺎ، ﻭﻟﻢ ﻳﻬﺎﺟﺮ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ
ﻧُﺼْﺮَﺓِ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ) :ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺕ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻟﻜﻞ
ﺍﻣﺮﺉ ﻣﺎ ﻧﻮﻯ؛ ﻓﻤﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺠﺮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ؛ ﻓﻬﺠﺮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﻭﻣﻦ
ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺠﺮﺗﻪ ﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳﺼِﻴﺒُﻬﺎ ﺃﻭ ﺍﻣﺮﺃﺓ
ﻳﻨﻜﺤﻬﺎ )ﻳﺘﺰﻭﺟﻬﺎ؛( ﻓﻬﺠﺮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﺎﺟﺮ
ﺇﻟﻴﻪ] (ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻹﺧﻼﺹ؟
ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻛﻞ
ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻟﻠﻪ -ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ- ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﻣﺮﺿﺎﺗﻪ،
ﻭﻟﻴﺲ ﻃﻠﺒًﺎ ﻟﻠﺮﻳﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴُّﻤْﻌﺔ؛ ﻓﻬﻮ ﻻ
ﻳﻌﻤﻞ ﻟﻴﺮﺍﻩ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻳﺘﺤﺪﺛﻮﺍ ﻋﻦ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ،
ﻭﻳﻤﺪﺣﻮﻩ، ﻭﻳﺜْﻨُﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ.
ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻭﺍﺟﺐ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ:
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺨﻠﺺ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ
ﻋﻤﻞ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻘﺒﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﻪ؛ ﻷﻥ
ﺍﻟﻠﻪ -ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ- ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺇﻻ ﻣﺎ
ﻛﺎﻥ ﺧﺎﻟﺼًﺎ ﻟﻮﺟﻬﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ. ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ
ﻛﺘﺎﺑﻪ} :ﻭﻣﺎ ﺃﻣﺮﻭﺍ ﺇﻻ ﻳﻌﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺨﻠﺼﻴﻦ
ﻟﻪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﻨﻔﺎﺀ] {ﺍﻟﺒﻴﻨﺔ.[5 : ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
}ﺃﻻ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ] {ﺍﻟﺰﻣﺮ.[3 : ﻭﻗﺎﻝ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ
ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺧﺎﻟﺼًﺎ، ﻭﺍﺑْﺘُﻐِﻲ
ﺑﻪ ﻭﺟﻬُﻪ] (ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ.[
ﻭﺍﻹﺧﻼﺹ ﺻﻔﺔ ﻻﺯﻣﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ
ﻋﺎﻣﻼ ﺃﻭ ﺗﺎﺟﺮًﺍ ﺃﻭ ﻃﺎﻟﺒًﺎ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ؛
ﻓﺎﻟﻌﺎﻣﻞ ﻳﺘﻘﻦ ﻋﻤﻠﻪ ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻣﺮ ﺑﺈﺗﻘﺎﻥ
ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﻪ، ﻭﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻳﺘﻘﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ
ﺗﺠﺎﺭﺗﻪ، ﻓﻼ ﻳﻐﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺇﻧﻤﺎ
ﻳﻄﻠﺐ ﺍﻟﺮﺑﺢ ﺍﻟﺤﻼﻝ ﺩﺍﺋﻤًﺎ، ﻭﺍﻟﻄﺎﻟﺐ
ﻳﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ ﻣﺬﺍﻛﺮﺗﻪ ﻭﺗﺤﺼﻴﻞ ﺩﺭﻭﺳﻪ،
ﻭﻫﻮ ﻳﺒﺘﻐﻲ ﻣﺮﺿﺎﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻧَﻔْﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ
ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ.
ﺍﻹﺧﻼﺹ ﺻﻔﺔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ:
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻦ ﻣﻮﺳﻰ -ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ:-
}ﻭﺍﺫﻛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻮﺳﻰ ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ
ﻣﺨﻠﺼًﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻻً ﻧﺒﻴًﺎ] {ﻣﺮﻳﻢ.[51 :
ﻭﻭﺻﻒ ﺍﻟﻠﻪ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ- ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ
ﻭﺇﺳﺤﺎﻕ ﻭﻳﻌﻘﻮﺏ -ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ-
ﺑﺎﻹﺧﻼﺹ، ﻓﻘﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻭﺍﺫﻛﺮ ﻋﺒﺎﺩﻧﺎ
ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﺇﺳﺤﺎﻕ ﻭﻳﻌﻘﻮﺏ ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻷﻳﺪﻱ
ﻭﺍﻷﺑﺼﺎﺭ . ﺇﻧﺎ ﺃﺧﻠﺼﻨﺎﻫﻢ ﺑﺨﺎﻟﺼﺔ ﺫﻛﺮﻯ
ﺍﻟﺪﺍﺭ . ﻭﺇﻧﻬﻢ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻴﻦ
ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ] {ﺹ.[47-45 :
ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻴﺔ:
ﺫﻫﺐ ﻗﻮﻡ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ؛ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻧﺮﻳﺪ ﺃﻥ
ﻧﺨﺮﺝ ﻣﻌﻚ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺗﺒﻮﻙ، ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﺎ
ﻣﺘﺎﻉ ﻭﻻ ﺳﻼﺡ. ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺷﻲﺀ ﻳﻌﻴﻨﻬﻢ ﺑﻪ،
ﻓﺄﻣﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ؛ ﻓﺮﺟﻌﻮﺍ ﻣﺤﺰﻭﻧﻴﻦ
ﻳﺒﻜﻮﻥ ﻟﻌﺪﻡ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﻢ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ
ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ- ﻓﻲ
ﺣﻘﻬﻢ ﻗﺮﺁﻧًﺎ ﻳﺘﻠﻰ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ} :ﻟﻴﺲ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﻭﻻ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺠﺪﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻘﻮﻥ ﺣﺮﺝ ﺇﺫﺍ
ﻣﺎ ﻧﺼﺤﻮﺍ ﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺤﺴﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺳﺒﻴﻞ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻏﻔﻮﺭ ﺭﺣﻴﻢ .
ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﺗﻮﻙ ﻟﺘﺤﻤﻠﻬﻢ ﻗﻠﺖ
ﻻ ﺃﺟﺪ ﻣﺎ ﺃﺣﻤﻠﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻮﻟﻮﺍ ﻭﺃﻋﻴﻨﻬﻢ
ﺗﻔﻴﺾ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻣﻊ ﺣﺰﻧًﺎ ﺃﻻ ﻳﺠﺪﻭﺍ ﻣﺎ
ﻳﻨﻔﻘﻮﻥ.{
]ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ.[92-91 :
ﻓﻠﻤﺎ ﺫﻫﺐ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻠﺤﺮﺏ
ﻗﺎﻝ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ) :ﺇﻥ ﺃﻗﻮﺍﻣًﺎ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺧﻠﻔﻨﺎ
ﻣﺎ ﺳﻠﻜﻨﺎ ﺷِﻌْﺒًﺎ ﻭﻻ ﻭﺍﺩﻳﺎ ﺇﻻ ﻭﻫﻢ ﻣﻌﻨﺎ
ﻓﻴﻪ )ﻳﻌﻨﻲ ﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﺮ ﻣﺜﻠﻨﺎ،(
ﺣﺒﺴﻬﻢ )ﻣﻨﻌﻬﻢ( ﺍﻟﻌﺬﺭ] (ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ.[
ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ:
ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﻠﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ- ﻣﻦ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﻭﻋﺒﺎﺩﺗﻪ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺧﺎﻟﺼًﺎ ﻟﻪ، ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻘﺪﺳﻲ
ﻋﻦ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺰﺓ) :ﺃﻧﺎ ﺃﻏﻨﻰ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺀ ﻋﻦ
ﺍﻟﺸﺮﻙ، ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻋﻤﻼ ﺃﺷﺮﻙ ﻓﻴﻪ ﻣﻌﻲ
ﻏﻴﺮﻱ، ﺗﺮﻛﺘُﻪ ﻭﺷﺮﻛَﻪ] (ﻣﺴﻠﻢ.[
ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻓﻴﺆﺩﻳﻬﺎ ﺑﺨﺸﻮﻉ ﻭﺳﻜﻴﻨﺔ
ﻭﻭﻗﺎﺭ، ﻭﻫﻮ ﻳﺼﻮﻡ ﺍﺣﺘﺴﺎﺑًﺎ ﻟﻸﺟﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻴﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻨﻪ: ﺇﻧﻪ ﻣُﺼَﻞٍّ
ﺃﻭ ﻣُﺰَﻙٍّ ﺃﻭ ﺣﺎﺝ، ﺃﻭ ﺻﺎﺋﻢ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺒﺘﻐﻲ
ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻭﺟﻪ ﺭﺑﻪ.
ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ:
ﺇﺫﺍ ﺟﺎﻫﺪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ؛ ﻓﺈﻧﻪ
ﻳﺠﻌﻞ ﻧﻴﺘﻪ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺩﻳﻨﻪ، ﻭﺇﻋﻼﺀ
ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺑﻼﺩﻩ ﻭﻋﻦ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻻ ﻳﺤﺎﺭﺏ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻧﻪ ﺑﻄﻞ ﻭﺷﺠﺎﻉ، ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻗﺎﻝ
ﻟﻪ: ﻳﺎ ﻧﺒﻲ ﺍﻟﻠﻪ، ﺇﻧﻲ ﺃﻗﻒ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺃﺑﺘﻐﻲ
ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺃﺣﺐ ﺃﻥ ﻳﺮَﻯ ﻣﻮﻃﻨﻲ )ﺃﻱ:
ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺷﺠﺎﻋﺘﻲ.( ﻓﻠﻢ ﻳﺮﺩ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺣﺘﻰ ﻧﺰﻝ
ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻓﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺟﻮﺍ ﻟﻘﺎﺀ
ﺭﺑﻪ ﻓﻠﻴﻌﻤﻞ ﻋﻤﻼً ﺻﺎﻟﺤًﺎ ﻭﻻ ﻳﺸﺮﻙ
ﺑﻌﺒﺎﺩﺓ ﺭﺑﻪ ﺃﺣﺪًﺍ.{
]ﺍﻟﻜﻬﻒ.[110 :
ﻭﺟﺎﺀ ﺃﻋﺮﺍﺑﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﻘﺎﺗﻞ
ﻟﻠﻤﻐﻨﻢ، ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﻘﺎﺗﻞ ﻟﻴﺬﻛﺮ )ﻳﺸﺘﻬﺮ
ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ،( ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﻘﺎﺗﻞ ﻟﻴﺮَﻯ ﻣﻜﺎﻧﻪ
)ﺷﺠﺎﻋﺘﻪ،( ﻓﻤﻦ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ؟ ﻓﻘﺎﻝ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﻣَﻦْ ﻗﺎﺗﻞ ﻟﺘﻜﻮﻥ
ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻲ ﺍﻟﻌُﻠﻴﺎ ﻓﻬﻮ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ(
]ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.[
ﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻦ:
ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺍﻟﻤﺨﻠﺺ ﻳﺒﺘﻌﺪ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ،
ﻭﻻ ﻳﻮﺳﻮﺱ ﻟﻪ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﺣﻔﻆ
ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺍﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ،
ﻭﻧﺠﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﺣﻜﺎﻩ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ
ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ} :ﻗﺎﻝ ﺭﺏ ﺑﻤﺎ
ﺃﻏﻮﻳﺘﻨﻲ ﻷﺯﻳﻨﻦ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ
ﻭﻷﻏﻮﻳﻨﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ . ﺇﻻ ﻋﺒﺎﺩﻙ ﻣﻨﻬﻢ
ﺍﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻦ] {ﺍﻟﺤﺠﺮ.[40-39 : ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺛﻮﺍﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻦ
ﻭﺟﺰﺍﺋﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ} :ﺇﻻ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺎﺑﻮﺍ
ﻭﺃﺻﻠﺤﻮﺍ ﻭﺍﻋﺘﺼﻤﻮﺍ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺃﺧﻠﺼﻮﺍ
ﺩﻳﻨﻬﻢ ﻟﻠﻪ ﻓﺄﻭﻟﺌﻚ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺳﻮﻑ
ﻳﺆﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺃﺟﺮًﺍ ﻋﻈﻴﻤًﺎ] {ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ:
.[146
ﺍﻟـﺮﻳـﺎﺀ:
ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻨﺸﻂ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻳﻜﺴﻞ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ
ﻭﺣﺪﻩ، ﻭﻳﺠﺘﻬﺪ ﺇﺫﺍ ﺃﺛﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ،
ﻭﻳﻨﻘﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺇﺫﺍ ﺫﻣﻪ ﺃﺣﺪ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ
ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻔﺎﺕ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﺮﺍﺋﻴﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ،
ﻓﻘﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻳﺨﺎﺩﻋﻮﻥ
ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻫﻮ ﺧﺎﺩﻋﻬﻢ ﻭﺇﺫﺍ ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻗﺎﻣﻮﺍ ﻛﺴﺎﻟﻰ . ﻳﺮﺍﺀﻭﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻻ
ﻳﺬﻛﺮﻭﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﻗﻠﻴﻼً] {ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ.[142 :
ﻓﺎﻟﺮﻳﺎﺀ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ،
ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ، ﻓﻬﻮ
ﻳﺨﻠﺺ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﻧﻴﺘﻪ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻟﻠﻪ، ﻗـﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻨﻈﺮ
ﺇﻟﻰ ﺃﺟﺴﺎﺩﻛﻢ ﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺻﻮﺭﻛﻢ، ﻭﻟﻜﻦ
ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ] (ﻣﺴﻠﻢ.[
ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ ﺷﺮﻙ ﺑﺎﻟﻠﻪ:
ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻻ ﻳﺮﺍﺋﻲ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ ﺷﺮﻙ ﺑﺎﻟﻠﻪ -
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ،- ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺇﻥ
ﺃَﺧْﻮَﻑَ ﻣﺎ ﺃﺗﺨﻮَّﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺘﻲ ﺍﻹﺷﺮﺍﻙ
ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﺃﻣﺎ ﺇﻧﻲ ﻟﺴﺖُ ﺃﻗﻮﻝ: ﻳﻌﺒﺪﻭﻥ ﺷﻤﺴًﺎ
ﻭﻻ ﻗﻤﺮًﺍ ﻭﻻ ﻭَﺛَﻨًﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻋﻤﺎﻻ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺷﻬﻮﺓ ﺧﻔﻴﺔ] (ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ.[ ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺇﻥ ﺃﺧﻮﻑ ﻣﺎ ﺃﺧﺎﻑ
ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﺍﻷﺻﻐﺮ.( ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻭﻣﺎ
ﺍﻟﺸﺮﻙ ﺍﻷﺻﻐﺮ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ؟ ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) :ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ، ﻳﻘﻮﻝ
ﺍﻟﻠﻪ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ- ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ -ﺇﺫﺍ ﺟﺰﻱ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻬﻢ:- ﺍﺫﻫﺒﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﻨﺘﻢ
ﺗﺮﺍﺀﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ؛ ﻓﺎﻧﻈﺮﻭﺍ ﻫﻞ ﺗﺠﺪﻭﻥ
ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺟﺰﺍﺀً؟] (ﺃﺣﻤﺪ.[
ﻭﻫﻜﺬﺍ.. ﻻ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﻤﺮﺍﺋﻲ ﺟﺰﺍﺀً ﻋﻠﻰ
ﻋﻤﻠﻪ؛ ﻷﻧﻪ ﺃﺭﺍﺩ ﺑﻌﻤﻠﻪ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺭﺿﺎ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻣﺪﺣﻬﻢ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻓﻠﻴﺲ
ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﺮٍ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ.
ﺍﻟﻤﺮﺍﺋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ:
ﺃﺧﺒﺮ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻌﺾ
ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻐﺰﻭﺍﺕ ﺃﻥ ﻓﻼﻧًﺎ
ﺳﻴﺪﺧﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻼﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻘﺎﺗﻞ ﻣﻊ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻓﺘﻌﺠﺐ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ، ﻭﺭﺍﻗﺒﻮﺍ
ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻴﻌﺮﻓﻮﺍ ﺣﺎﻟﻪ؛ ﻓﻮﺟﺪﻭﻩ ﻳﻘﺎﺗﻞ
ﻗﺘﺎﻻ ﺷﺪﻳﺪًﺍ؛ ﻓﺎﺯﺩﺍﺩ ﻋﺠﺐ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ، ﻭﻟﻜﻦ
ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ ﺣﺪﺙ ﺃﻣﺮ ﻋﺠﻴﺐ؛ ﻓﻘﺪ ﺟُﺮﺡ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ؛ ﻓﺄﺧﺬ ﺳﻴﻔﻪ، ﻭﻃﻌﻦ ﺑﻪ
ﻧﻔﺴﻪ؛ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ: ﻭﻳﻠﻚ!
ﺃﺗﻘﺘﻞ ﻧﻔﺴﻚ، ﻭﻗﺪ ﻛﻨﺖ ﺗﻘﺎﺗﻞ ﻗﺘﺎﻻ
ﺷﺪﻳﺪًﺍ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ: ﺇﻧﻤﺎ ﻛﻨﺖُ ﺃﻗﺎﺗﻞ
ﺣﻤﻴﺔً )ﻋﺰﺓ ﻟﻠﻨَّﻔْﺲ،( ﻭﻟﻴﺮﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﺷﺠﺎﻋﺘﻲ، ﺛﻢ ﻣﺎﺕ ﺍﻟﺮﺟﻞ، ﻭﺻﺪﻕ ﻓﻴﻪ
ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ.
ﻭﻗﺪ ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺋﻴﻦ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﺬﺍﺑًﺎ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ؛
ﻓﺄﻭﻝ ﺛﻼﺛﺔ ﻳﺪﺧﻠﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺭ: ﻋﺎﻟﻢ، ﻭﻗﺎﺭﺉ
ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ، ﻭﺷﻬﻴﺪ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻻ ﻳﺨﻠﺼﻮﻥ
ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻟﻠﻪ، ﻭﻻ ﻳﺒﺘﻐﻮﻥ ﺑﻬﺎ ﻭﺟﻬﻪ.
ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ ﻳﺒْﻄِﻞُ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ:
ﺇﺫﺍ ﺃﺩَّﻯ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﺒﺎﺩﺗﻪ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ
ﺇﺧﻼﺹ ﻟﻠﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺄﺧﺬ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﺟﺮًﺍ ﻭﻻ
ﺛﻮﺍﺑًﺎ، ﺑﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻮﺯﺭ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ؛ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ
ﻳﺨﻠﺺ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ. ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ -
ﺗﻌﺎﻟﻰ} :-ﻓﻮﻳﻞ ﻟﻠﻤﺼﻠﻴﻦ . ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻋﻦ
ﺻﻼﺗﻬﻢ ﺳﺎﻫﻮﻥ . ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻳﺮﺍﺀﻭﻥ .
ﻭﻳﻤﻨﻌﻮﻥ ﺍﻟﻤﺎﻋﻮﻥ] {ﺍﻟﻤﺎﻋﻮﻥ.[7-4 :
ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺼﺪﻗﻮﻥ، ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻤُﻨُّﻮﻥ
ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻬﻢ، ﻭﻻ ﻳﺨﻠﺼﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﻪ، ﻓﺈﻧﻬﻢ
ﻻ ﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻗﺘﻬﻢ ﺃﺟﺮًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ،
ﻭﺗﺼﺒﺢ ﻣﺜﻞ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺼﻠﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺨﺮﺝ
ﺯﺭﻋًﺎ ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﻤﺮﺍﺋﻲ
ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻓﻤﺜﻠﻪ ﻛﻤﺜﻞ ﺻﻔﻮﺍﻥ ﻋﻠﻴﻪ
ﺗﺮﺍﺏ ﻓﺄﺻﺎﺑﻪ ﻭﺍﺑﻞ ﻓﺘﺮﻛﻪ ﺻﻠﺪًﺍ ﻻ ﻳﻘﺪﺭﻭﻥ
ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﻣﻤﺎ ﻛﺴﺒﻮﺍ] {ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.[264 :
ﻛﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ- ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺮﺍﺋﻴﻦ
ﻋﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻟﻬﻢ، ﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻭﻗﺪﻣﻨﺎ
ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻓﺠﻌﻠﻨﺎﻩ ﻫﺒﺎﺀ
ﻣﻨﺜﻮﺭًﺍ] {ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ.[23 :